عزيز الدودو يكتب : إرهاصات سقوط دولة “٥٦” تحت ضربات أشاوس الدعم السريع

لم تشهد دولة السودان منذ استقلالها عام 1956 تهديداً وجودياً كالذي تواجهه اليوم. فبعد أكثر من نصف قرن من الصراعات المسلحة ضد الدولة المركزية، لم تتمكن الحركات المتمردة—بما في ذلك الحركة الشعبية بقيادة الدكتور جون قرنق التي ناضت خمسين عاماً، أو حركات دارفور التي قاتلت لعقود، أو حتى تنظيمات الشرق في مناطق البجا والنيل الأزرق—من تحقيق نصر حاسم. كلها فشلت فشلاً ذريعاً أمام جبروت الدولة.

لكن المفارقة التاريخية تكمن في أن “الأشاوس”، خلال عامين فقط، حققوا ما عجزت عنه عشرات التنظيمات المسلحة طوال نصف قرن. لقد اخترقوا جدار الدولة الذي ظل منيعاً لعقود، وها هي “دولة 56” تواجه مصيراً مأساوياً لم تعهده من قبل. إن كانت الدولة تُشبَّه بفتاة عذراء، فقد انتهك عذريتها وشرفها. وإن كانت امرأة ناضجة، فقد دخلت مرحلة الخرف والشيخوخة المبكرة، بحيث لم تعد صالحة لأي دور أو منفعة.

هؤلاء الأشاوس ليسوا مجرد مقاتلين عاديين، بل هم أبطال شجعان يقودهم قائد شجاع، لم يُنجب الزمان مثله عبر العصور. إنهم يكتبون فصلاً جديداً في تاريخ السودان، فصل الهزيمة النهائية لدولة لم تعد قادرة حتى على الدفاع عن نفسها. والسؤال الآن: هل هذا السقوط هو نهاية المطاف، أم أن الدولة المركزية المنهارة ستجد من ينقذها من براثن المصير المحتوم؟