صراع القيم
صراع القيم..
استوقفتني المناكفات بين مناصري الدعم السريع وبعض مفكري ونشطاء الحركة الشعبية، بخصوص تصرّف الرائد شيراز ومحاربتها للمريسة، بوصفها إحدى الظواهر السالبة. هذا الجدل الواسع يستحق وقفة وتأملاً وتصحيحاً، من وجهة نظري وضمن حدود معرفتي.
أولاً، يجب أن نتفق على أنه لا يوجد تناقض حقيقي بين مشروع الحركة الشعبية ورؤية الدعم السريع لإعادة صياغة الدولة. والتصرف هذا يجب النظر إليه في سياقه، انطلاقاً من التباينات القِيَمية داخل الجغرافيا السودانية المتعددة عرقياً وثقافياً ودينياً.
يا عمار نجم الدين، خلافنا مع منظومة النظام “الإسلاموعروبي” هو أنه يُنكر تنوعنا وتعددنا، ويريدنا أن نكون جميعاً نُسَخاً متطابقة لهوية مركزية واحدة. وهذه إحدى الأسباب الجوهرية للصراع وتاريخ الحروب في السودان.
نحن لا نريد إعادة إنتاج وجه آخر من العنصرية من المعسكر النقيض للعروبيين. وأعتقد أن كثيراً من نشطاء الحركة الشعبية يقعون في نفس الخطأ؛ إذ يكفرون بالتنوع، ويرفضون القيم العربية الإسلامية، ويريدون فرض تقبّل المريسة ورقص “الديرتي” وهزّ “الفقس” والدعارة كخيارات طبيعية. وهذا مرفوض داخل المجتمعات ذات الأصول العربية الإسلامية.
من يحارب هذه المجتمعات عبر مؤسسات الدولة، ويحاول أن ينسف قيمها وهويتها، لا يقل عنصريةً عن العروبيين.
الصح هو: “لكم دينكم ولي دين”.
نحن ليست لدينا مشكلة مع المريسة أو الدعارة، أو أي مظاهر أخرى غير مرفوضة داخل قيم بعض مكونات الشعوب السودانية. نحترمها كحقوق لأصحابها، سواء في جبال النوبة أو جبل مرة.
لكن من غير المعقول أن تأتي وتُهاجم مجتمعات نشأت على قيم وثقافات مختلفة، وتحاول أن تُعيد تشكيلها لتتناسب مع رؤيتك أنت. هذا مرفوض، وهو ضد مبدأ المواطنة المتساوية.
الدولة يجب أن تكون للجميع، لا لعرق محدد، ولا لثقافة أو دين واحد. انطلاقاً من هذه المبادئ، يمكننا تأسيس دولة نتقبل فيها بعضنا البعض كسودانيين، دولة قائمة على قيمنا المختلفة، ومعتقداتنا المختلفة، وتنظم حقوقنا في العيش بكرامة
إرسال التعليق