عبد الله اللطيف عبد الله : لماذا تفشل النخبة السودانية في العمل المؤسسي؟ - صوت الوحدة

عبد الله اللطيف عبد الله : لماذا تفشل النخبة السودانية في العمل المؤسسي؟

قراءة مختصرة في أحد جذور الأزمة الوطنية

الإرث الثقافي والسياسي المأزوم

منذ الاستقلال، ظلت النخبة السودانية أسيرة لعلاقات الولاء الشخصي والزعامة الأبوية، لا لروح المؤسسية والبرامج.
تحوّلت الأحزاب إلى “بيوت طاعة” للزعامات التاريخية، وتغلّبت “المجموعة” على “المؤسسة”، حتى أصبح الانقسام والتشظي هو القاعدة، والاستمرارية هي الاستثناء.
لقد ورثت هذه النخب من الموروث الاجتماعي القبلي والأبوي نزعة الهيمنة والوصاية، فتمّ تفريغ فكرة التنظيم والعمل الجماعي من مضمونها الديمقراطي.

الخوف من الشراكة وتقاسم السلطة

من أبرز عوائق المؤسسية في السودان هو الخوف المزمن من تقاسم السلطة داخل الأحزاب والتنظيمات.
يخشى القادة من أن تضعف المؤسسية نفوذهم، فيفضّلون السيطرة الفردية على الشفافية والمساءلة.
نتيجة لذلك، تبقى القرارات محصورة في دوائر ضيقة، وتُهمّش الكفاءات، ويُقمع النقد، فتتكرّر الأخطاء نفسها داخل كل دورة سياسية.
الأنظمة الشمولية وإضعاف المؤسسات

الحكم العسكري، الذي استأثر بمعظم سنوات ما بعد الاستقلال، لم يكتفِ بإضعاف الحياة الحزبية، بل عمل على تفكيك المؤسسات المدنية والنقابية، واستبدالها بشبكات الولاء السياسي.
هذا الإرث ترك أثرًا عميقًا في الثقافة السياسية السودانية، حيث أصبحت الكفاءة أقلّ أهمية من الولاء، والموقف أهمّ من الأداء.
وهكذا تمّ قتل روح المهنية والمبادرة لصالح ثقافة الخضوع والتبعية.

غياب النقد الذاتي والمراجعة

لا توجد في معظم الأحزاب والحركات آليات فاعلة للمحاسبة أو التقييم.
النقد يُعتبر تهديدًا، والمراجعة تُعدّ خيانة، والمنافسة تُفهم على أنها تمرد.
بهذا المنطق تستمر النخبة في إعادة إنتاج نفسها، وتتكرّر دورات الفشل من أكتوبر إلى أبريل إلى ديسمبر، دون استيعاب حقيقي للدروس.
لماذا لا نتعلم من أخطائنا؟

تتكرر التجارب دون تغيير لأن الخطاب السياسي السوداني ظل أسير العاطفة لا العقل، والشعارات لا البرامج.
تُعاد نفس الوجوه والأفكار بلا تجديد، ويُستبعد الشباب والكفاءات، في حين يغيب التفكير النقدي المستقل
.

إرسال التعليق

لقد فاتك