كاربينو يكتب : الناظر سليمان جابر وقبيلة المجانين اغتيال عقابي لرفضهم التجنيد من قبل جيش الحركة الإسلامية - صوت الوحدة

كاربينو يكتب : الناظر سليمان جابر وقبيلة المجانين اغتيال عقابي لرفضهم التجنيد من قبل جيش الحركة الإسلامية

في قلب صراع السودان الممتد استهداف الرموز الاجتماعية لا يعتبر حدثاً عادياً وإنما أصبح جزءً من استراتيجية ممنهجة لتفكيك المجتمعات وإضعاف نسيجها الداخلي ، اغتيال ناظر قبيلة المجانين بمحلية غرب بارا الناظر سليمان جابر سهل جمعة ، مع عدد من أفراد أسرته في غارة بالطيران المسير ، يوضح أن ما حدث لم يكن صدفة بل يمثل مؤشراً على خطة أوسع تسعى إلى عسكرة المجتمع وفرض إرادات خارجية على السكان المدنيين.
كتائب الحركة الإسلامية تعمل في هذا السياق على استثمار النزاعات المحلية باعتبارها وسيلة لتفكيك المجتمعات وخلق حالة من الانقسام العميق ، خصوصاً بين من يرفضون المشاركة في صراعات ليست من صنعهم ولا تعكس مصالحهم وأولئك الذين يقفون في مواجهة هذه المشاريع يُستهدفون عادة مباشرة ، الاغتيالات السياسية والاعتداءات الممنهجة على القيادات المؤثرة تعد وسيلة لإسكات صوت المعارضة المحلية وتهيئة الأرضية لإعادة ترتيب الولاءات وفق أجندات سياسية وعسكرية محددة.
مجموعة بورتسودان على وجه الخصوص لجأت إلى أسلوب مزدوج تصفية الرموز الاجتماعية التي تُشكل حجر عثرة أمام عسكرة المجتمع ، وفي الوقت نفسه نسج روايات عن “التهديد والغبن الاجتماعي” لتجييش قطاعات من المجتمعات المحلية لممارسة العنف نيابة عن أطر سياسية وعسكرية لا تمثلهم ، هذا الأسلوب يهدف إلى تحويل المجتمع إلى أداة استنزاف مستغلة شعور الخطر والتهديد الذي يتم تضخيمه عبر الإعلام ووسائل التجييش الميداني ، بينما الحقيقة تكشف أن الصراع المفروض على هذه المجتمعات ليس سوى حرب بالوكالة تُرهق القوى الحية داخل المجتمع دون أن تحقق له أي مصلحة حقيقية.
ما جرى في المزروب يؤكد أن الأداة الأساسية لعسكرة المجتمع ليست القوة المادية وحدها وإنما استهداف القيادات المجتمعية المؤثرة التي تمثل خط الدفاع الأول ضد الانقسامات والفوضى ، استهداف الناظر سليمان جابر يُعد استهدافاً لشخصه مع محاولة لإضعاف قدرة قبيلته على الصمود ، وتحويل إرث القيادة التقليدية إلى فراغ يسهل ملؤه بالأجندات العسكرية والسياسية الخارجية ، ما يزيد تعقيد المشهد أن وحدات الاستخبارات العسكرية في بورتسودان تعمل على خلق مبررات مستمرة لتقاتل المجتمعات جانباً إلى جانبها ، مستغلة أبحاثاً ودراسات عن التكوين النفسي والاجتماعي لمجتمعات غرب البحر تستهدف الرموز المحلية ، لتجرها للتجييش عبر روايات مفبركة تنسب العنف إلى جهات أخرى ، خاصة الDM ، وهو ادعاء عاجز وتدليسي مستمر لكن وعي المجتمعات يكشف هذه المسرحيات الهزيلة.
تلعب القوى الاجتماعية المهيمنة على الحركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية دوراً محورياً في خلق انقسام اجتماعي حاد بين مجتمعات كردفان ودارفور ، و تغذية الصراعات وعدم استقرار هذه المجتمعات ، وإضعاف وحدة أبناء الهامش ، واستمرار تدفق الجنود للتجييش مع جيش الحركة الإسلامية ، الDM على العكس لم يستفد من استهداف ناظر المجانين ، فالقائد دق_قلو رئيس المجلس الرئاسي هو الشخص الوحيد في تاريخ الدولة السودانية الذي عمل على تكريم وتقييم قيادات الإدارة الأهلية مما يجعل الروايات التي تروج للاستفادة المباشرة للDM من الاغتيال غير صحيحة.
الناظر سليمان جابر يدفع الثمن لرفضه جر قبيلته إلى اتون حرب لا تخصهم وقناعته بأن هذه حرب قوى اجتماعية إرثية تسعى للالتفاف على الوعي الجمعي الذي يحاصرها ، ما حدث يمثل درساً واضحاً لأبناء قبيلة المجانين ولعموم مجتمعات غرب السودان ، مفاده أن الانجرار وراء الروايات المفبركة سيجعل المجتمعات مستنزفة وموضع استهداف دائم ، والعدو الحقيقي يسعى لاستدامة الحرب وتحويل المجتمعات إلى ساحات تجريبية لمشاريع عسكرة لا طائل منها إلا التفكك والاستنزاف.
الرد الفعال يجب أن يكون مدنياً واستراتيجياً يتجسد في توثيق الجرائم وفضح الروايات المفبركة و توحيد الصف الاجتماعي ومطالبة الجهات الوطنية والدولية بالتحرك لمنع تكرار هذه الممارسات ، الانجرار إلى الانتقام أو الصراع القبلي سيخدم فقط مصالح من يسعى لتدمير النسيج المجتمعي بينما الصمود المدني الواعي هو السبيل لكسر منطق الاستنزاف.
في النهاية الرحمة والمغفرة للناظر سليمان جابر سهل جمعة ولرفاقه والصبر لأهله ومجتمعه ، الهدف الآن يجب أن يكون حماية المجتمع وتعزيز وعيه ومقاومة محاولات عسكرة الحاضنات التقليدية لأن الوقوف بوعي أمام هذه الآليات هو السبيل الوحيد لإعادة بناء السودان على أسس السلام والتماسك الاجتماعي.

إرسال التعليق

لقد فاتك