عمار سعيد يكتب : السودان.. مقبرة “أكينجي” التركية
من كان يظن أن سهول كردفان ووديان دارفور ستتحول إلى أكبر معرض مفتوح لحطام الطائرات المسيّرة التركية “أكينجي”؟! نعم، السودان صار المقبرة الرسمية لهذه الطائرات التي بشّر بها الإعلام التركي كـ”معجزة القرن” في الحروب الحديثة، فإذا بها تتحول إلى خردة مبعثرة، يتندر بها الناس في الأسواق والبوادي، وتتحول أجزاؤها إلى ديكور في المطاعم أو ألعاب للأطفال.
الجيش السوداني المنهك، الذي لا يجد رواتب للجنود ولا دواء للمستشفيات، قرر أن يغامر بما تبقّى من خزينة الدولة، بل وحتى برهن أراضٍ وموارد للشركات التركية، مقابل الحصول على هذه الطائرات التي قيل إنها ستغيّر موازين المعارك. لكن النتيجة؟ لا تقدّم عسكري، ولا انتصار على الأرض، فقط مزيد من الديون على رقاب السودانيين، ومزيد من الحطام في السهول.
قد يقول البعض: “لنكن منصفين، المشكلة ليست فقط في الطائرات، بل في قوة دفاعات قوات الدعم السريع”. وهذا صحيح جزئيًا، فالدفاعات أثبتت فاعليتها، لكن الحقيقة الأوضح هي أن “أكينجي” لم تصمد أمام واقع الحرب السودانية بكل تعقيداتها، فتحولت إلى مشروع استنزاف جديد.
النصيحة المجانية للأتراك: اتركوا أوهام “العودة إلى أفريقيا” على أجنحة المسيّرات، فهذه الأوهام لا تسمن ولا تغني من جوع. لو ركزتم على تطوير الصناعات الزراعية، والري، وإدارة المياه، لكان نفعكم للعالم أكبر، وربما كسبتم احترام الشعوب بدل أن تتحول منتجاتكم إلى نكات سودانية على لسان الرعاة والمزارعين:
“أكينجي جات تمطر نار… رجعت تمطر قطع حديد!”
فيا تركيا، قبل أن تحلموا بعودة “الباب العالي”، تذكروا أن سهول السودان لا ترحم، وأن مقبرة أكينجي هناك مفتوحة على مصراعيها!



إرسال التعليق