عبد العزيز إبراهيم حولي : تأملات في الحرب ومقولاتها وممارستها - صوت الوحدة

عبد العزيز إبراهيم حولي : تأملات في الحرب ومقولاتها وممارستها

محرقة الجنجويد :
هذه العبارة ترددت في هذه الأيام كثير جداً وبشكل إسهالي عشوائي لا انضابط له..
من هم الجنجويد الذين يريد الكل حرقهم؟ هذا المصطلح الإجرامي أخذ أبعاد أخرى وانزاح من معناه التي انشأته الظروف المحيطة به في وقت ما،، فأصبح يطلق على كيانات إثنية بعينها بدون مراعاة لخصوصية المصطلح وبدون مراعاة لحقوق هؤلاء الذين يسقطون ضحية بين ظلم الدولة والإدّعاء على أنهم جناه (كيف ندّعي على أنّ قبيلة كاملة تكون مجرمة؟)
حتى نحاسبها على طريقة كلامها أو لهجتها التي تتكلم بها و السخرية منها.
الربط بين مؤسسة عسكرية ومكون اجتماعي لا يزيد الأزمة إلا سوء وهي من سياسات، (خلط الحابل بالنابل) التي تعوّدت عليها الأنظمة السودانية، ونظام الإنقاذ بشكل أكثر خصوصية ولنا في التاريخ القريب شواهد على ذلك.
هذا التجريم الكامل لهذه القبائل لا يزيد المشكلة إلاّ سوء وتصعيد وهاهي الأيام أثبتت لنا ردود فعل المجموعات التي اتُّهمت في أصلها، وسودانيتها ونعتها بالإجرام والارتزاق ونفيها عن السودان.
الدعم السريع قوة عسكرية يمكن أن نصنّفها تحت دائرة جيوش السوق السوداني السياسي التي صُنعت موازية للجيش وموالية له في السرّاء والضرّاء وكان لهم دور فعّال جداً في صناعة الأمن في دارفور بشكل خاص كما لها مساهمة بيّنة في ثورة ديسمبر. وهي القوة الأكثر تواجداً في المناطق الحدودية.
هي مؤسسة متعددة ومتنوعة بمختلف المجتمعات والمجموعات السودانية وليس قبيلة واحدة أو اثنين كما يدّعي البعض وتوجيه التهمة لتلك القبائل التي تأسس الدعم السريع على رأسها ماهو الا قصديّة وشيطنة لهذه المجتمعات.. متناسين دورها الاجتماعي والثقافي و التاريخي وربطها فقط بهذه المؤسسة…… السؤال المهم، لماذا تحالف جنرالات الجيش واليمين واليمين المتطرف (الكيزان) واليسار والبلابسة وهلم جر لحرق الدعم السريع أو الجنجويد كما يدعون ؟؟ وينوون تدميرهم نهائياً كأنهم سرطان يراد التخلص منه…؟؟ ببساطة جداً لأن الدعم السريع هي القوة التي حاولت نزع الدولة من تحت أرجلهم أو هي المنافس الشرس لسودنة الدولة وجعلها للجميع وليس تركة استعمارية نخبويّة يمتضيها إقليم واحد مدى الحياة.
لكن هذا التدمير الذي تمناه البعض ما كان الا قنبلة مووقتة وانفجرت وتمدد الصراع في شكل تصادم مستمر مع الدولة المزعومة.. التي تحاول جاهدة التخلص من مواطنيها.
والضحية هي المواطن المغلوب على أمره
هل السودان ستكون دولة متقدمة وصالحة للعيش إذا حرق آخر جنجويدي؟؟؟!
بالتأكيد.. لا
الأزمة مافي آخر جنجويدي، يراد حرقه.. المشكلة تكمن في سوق السياسة العشوائي السوداني الذي يستأنف نفسه بشكل يومي..الدولة هي من تصنع الجيوش الموازية ولا تستطيع إدارتها بشفافية و تعقل
لأن الدعم السريع صنعه النظام السابق من أجل الدفاع عنه وهذه هي الميزة التي تميز بها السودان في الآونة الأخيرة،، حتى تم تجاوز دور الجيش في المعارك والحروب وتوكيلها لقوة موازية كالدعم السريع وحرس الحدود وابو طيرة ودفاع شعبي الخ.. وترك جنرالات الجيش للمنافسة في الشركات والتجارة،وتكبير الكروش والمؤخرات إلى أن أصبح الجيش في مهب الريح مع هذا السوق السياسي الذي أصبحت القوة فيه لمن يدفع أكثر..
هؤلاء الذين تسمونهم جنجويد أيً كان شكلهم في النهاية هم أبناء هذا الوطن ولا مكان لهم خارجه
وهم لا يرون في تمردهم أي نوع من أنواع الخطأ.. بل يرون هناك جهة متعدية عليهم وتريد إبادتهم و دافعوا عن أنفسهم وعن وجودهم في هذا الوطن. كما أنهم خاضوا هذه الحربة مع الكيزان ومجموعاتهم الذين حاولوا مراراً وتكراراً ردّ الدولة إلى بساطهم المشؤوم.
مهما حصل لا يجوز نفي مواطن سوداني بحجة انه تمرد على الدولة،، لأنّ لولا الخلل البنيوي الذي تعمل به الدولة لما تمرد عليها أحد..
في النهاية لابد لنا أن نسعى إلي حلول جذرية عاجلة نداوي بها مرض مزمن متجذر يسمى العنصرية، ونطوي بها أزمة التركة الاستعمارية المستفحلة.

اللعنة على الحرب

إرسال التعليق

لقد فاتك