الدعم السريع يُلحق هزيمة استراتيجية بالجيش السوداني في كردفان: تصدّعات عميقة داخل القيادة العسكرية
في تطور يُعدّ من أكبر التحولات الميدانية منذ اندلاع الحرب الداخلية في السودان، نجحت قوات الدعم السريع في تنفيذ ضربة عسكرية خاطفة ضد الجيش السوداني في منطقة أم صميمة، محدثة ما يُشبه “اجتثاثاً موضعياً” لقيادة ميدانية كانت تُعدّ العمود الفقري لمحاور العمليات في كردفان.
الهجوم، الذي شنّته قوات الدعم السريع، اعتمد على خطة تطويقية دقيقة، نُفّذت بكثافة نيران عالية، وإسناد ميداني سريع، ما أدى إلى انهيار شبه كامل لدفاعات الجيش وقوات البراء، وسقوط عدد كبير من كبار الضباط في واحدة من أكثر الضربات دقة وتأثيراً منذ بداية النزاع.
وفق مصادر ميدانية متعددة، أسفر الهجوم عن مقتل قادة بارزين، من بينهم قائد لواء النخبة الأول، مسؤول استخبارات الفرقة الخامسة، قائد عمليات محور كردفان، قائد البراء في كردفان، وعدد من ضباط التدريب والطواقم الطبية والمستنفرين. وتؤكد مصادر مطلعة أن العملية لم تكن تحركاً ميدانياً عشوائياً، بل ضربة استخباراتية محسوبة بدقة، استهدفت تفكيك القيادة النوعية للجيش في كردفان وشلّ حركته الميدانية المستقبلية.
لكن ما تبع الهجوم كان أكثر خطورة من الهجوم ذاته. فبدلاً من تشكيل ردّ فعل منظم، تفجّرت أزمة ثقة داخلية واسعة داخل معسكر الجيش، تمثّلت في سيل من الاتهامات المتبادلة بين الفصائل، خاصة ضد ”القوات المشتركة”، التي اتُّهمت بالتقاعس، أو حتى بـ”التواطؤ الصامت”.
وجّهت شخصيات معروفة محسوبة على الجيش انتقادات علنية حادّة عبر منصات التواصل الاجتماعي، أبرزهم المدون خال الغلابة، الذي كتب في منشور واسع الانتشار:
“القوات المشتركة لماذا تأتي متأخرة دائماً بعد أن تجهز قوات المليشيا على قوات معسكر الجيش؟ فعلتها في الخوي، الهجوم قبل الأخير، وكذلك فعلتها في أم صميمة، تأتي كما تأتي الشرطة في الأفلام المصرية.”
وفي السياق ذاته، كتب الناشط عمسيب:
“ما يحدث من استنزاف لقادة الجيش في كردفان لا يمكن تفسيره بأنه صدفة… هناك خلل كارثي ربما يرتقي إلى مستوى الاختراق أو الخيانة، وعلى القيادة أن تراجع نفسها قبل فوات الأوان.”
يرى مراقبون أن قوات الدعم السريع لم تُحقق فقط نصراً ميدانياً، بل سجّلت انتصاراً نفسياً ومعنوياً حاسماً، إذ ظهرت كقوة تمتلك زمام المبادرة، والقدرة على الوصول إلى المفاصل القيادية للعدو وضربها بدقة عالية. محللون دوليون اعتبروا أن ما جرى في أم صميمة يكشف عن فقدان الجيش السوداني لتماسكه الداخلي، وسط تصاعد الاستقطاب، وغياب الاستراتيجية الموحدة، واهتزاز الثقة بين وحداته.
في ظل تكرار عمليات مماثلة في الخوي وأبوكرشولا، ومع توالي سقوط القيادات العسكرية على نحو متسارع، تزداد المخاوف من أن يواجه الجيش ليس فقط خطر الهزيمة العسكرية، بل خطر التفكك من الداخل، وفقدان السيطرة على وحداته الميدانية. وبينما يواصل الدعم السريع تقدمه، تبدو القيادة العامة للجيش في حالة ارتباك، وسط تصاعد الأصوات المطالِبة بإعادة التحقيق في تسلسل الأوامر، وفتح ملفات الاختراق، والمحاسبة العلنية.
إرسال التعليق