استند إلى تحليل ميداني وصور أقمار صناعية..تقرير أمريكي جديد يؤكد بان سقوط الفاشر بات وشيكاً
المصدر : راديو دبنقا
أفاد تقرير صادر عن مختبر العلوم الإنسانية في جامعة ييل الأمريكية أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، باتت على وشك السقوط في قبضة قوات الدعم السريع، مشيراً إلى أن السيطرة على المدينة قد تحدث في أي لحظة. التقرير الذي نُشر يوم الجمعة، استند إلى تحليل ميداني وصور أقمار صناعية، خلص إلى أن الهجوم المتعدد الاتجاهات على المدينة مستمر، مدعوماً بأسلحة ثقيلة، وسط مؤشرات متزايدة على انهيار دفاعات القوات المسلحة السودانية.
موقف الجيش
في المقابل، أصدرت الفرقة السادسة مشاة التابعة للقوات المسلحة السودانية بياناً صباح السبت أكدت فيه أن الوضع العسكري داخل الفاشر لا يزال مستقراً، وأن وحداتها ثابتة ومتماسكة في جميع المحاور، مع عزمها على مواصلة العمليات القتالية وفك الحصار المفروض على المدينة. وأشار البيان إلى تعرض المدينة لقصف مدفعي متقطع منذ السابعة صباحاً وحتى العاشرة، تلاه صد هجوم من قوات الدعم السريع من المحورين الشمالي والجنوبي الغربي. كما أفادت الفرقة بأن المساء شهد قصفاً مكثفاً على الأحياء السكنية باستخدام المدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة الانتحارية، دون تسجيل إصابات بين المدنيين.
تحذير دولي
مختبر العلوم الإنسانية في جامعة ييل حذر من أن أي تدخل دولي لحماية المدنيين المعرضين لحملة تطهير عرقي في دارفور يجب أن يتم خلال ساعات أو أيام على الأكثر، مؤكداً أن الوقت المتاح للتدخل الإنساني يضيق بسرعة. التقرير أشار إلى أن قوات الدعم السريع لا تُظهر أي نية لوقف إطلاق النار أو الدخول في هدنة إنسانية، بل تواصل تقدمها البري داخل المدينة وتستهدف بشكل مباشر مواقع الفرقة السادسة مشاة، بما في ذلك سلاح المهندسين والسلاح الطبي، ما يدل على قدرتها على ضرب المنشآت العسكرية بأقصى درجات القوة.
صور الأقمار الصناعية
تحليل الصور الفضائية التي جمعها فريق ييل في 26 سبتمبر 2025 كشف عن وقوع أكثر من خمسين ضربة بالذخائر الثقيلة قرب مقر الفرقة السادسة ومبانٍ عسكرية أخرى، من بينها سلاح المدرعات ومدرسة الفاشر الثانوية. كما أظهرت صور سابقة تحرك رتل عسكري يضم 18 عربة خفيفة قرب منطقة شنقل طوباي، في طريقه من نيالا إلى الفاشر. وتتمركز قوات الدعم السريع في الشمال الغربي من المدينة، بالقرب من مخيم أبو شوك للنازحين ومجمع اليوناميد السابق، حيث رُصد قصف جديد بأسلحة ثقيلة، يُعتقد أنه يشمل مدفعية وطائرات بدون طيار، قرب مقر الفرقة السادسة.
حصار متصاعد
منظمة حقوق الإنسان من أجل السلام توقعت أن الحصار المفروض على الفاشر سيصل إلى نهايته بمجرد أن تخترق قوات الدعم السريع حقول الألغام والدفاعات المحيطة بآخر مواقع القوات المسلحة السودانية قرب مطار المدينة. وأشار فريق ييل إلى أن الحصارات السابقة لعواصم ولايات دارفور انتهت بهجمات ممنهجة على المدنيين، صنفتها الحكومة الأمريكية على أنها تشكل إبادة جماعية. التقرير أضاف أن قوات الدعم السريع تستخدم آليات التفاوض الدولية كوسيلة لكسب الوقت، بهدف استكمال هجماتها على المناطق المدنية، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل وعدم السماح باستخدام المفاوضات كغطاء لتكتيكات عسكرية.
أزمة إنسانية
تقرير مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل وصف الوضع في الفاشر بأنه من أكثر مراحل الحصار دموية وخطورة، حيث تحاول مجموعات كبيرة من السكان الفرار سيراً على الأقدام، في ظل استمرار الهجمات البرية والجوية على مواقع الجيش والمناطق السكنية. صور الأقمار الصناعية أظهرت مجموعات تتحرك باتجاه الساتر الترابي، في أول دليل مرئي على محاولات هروب من داخل المدينة، سواء من المدنيين أو أفراد القوات المسلحة. كما رُصد تحصين نقطتي خروج على الأقل في الساتر الترابي من قبل قوات الدعم السريع، ما يعكس استمرار سيطرتها على الطرق الرسمية التي قد يسلكها الفارون.
نزوح وانتهاكات
منظمة الهجرة الدولية وثّقت نزوح أكثر من تسعة آلاف شخص من الفاشر ومخيم أبو شوك خلال الفترة من 17 إلى 24 سبتمبر. التقارير أفادت بارتكاب قوات الدعم السريع انتهاكات جسيمة بحق المدنيين الذين حاولوا الفرار، شملت الاحتجاز خارج نطاق القانون، والنهب، والقتل، وغيرها من الجرائم ضد حقوق الإنسان. ووفقاً لتحليل صور الأقمار الصناعية، امتدت المتاريس الترابية التي شيدتها قوات الدعم السريع حول المدينة إلى أكثر من 68 كيلومتراً، ولم يتبق سوى أربعة كيلومترات لإغلاق الطوق العسكري بالكامل. كما عززت القوات نقاط التفتيش عند طريق الفاشر–كتم وبوابة مليط، ما قلّص فرص الهروب الآمن.
تطويق كامل
صور الأقمار الصناعية أظهرت وجود مركبتين فنيتين خفيفتين عند نقطة الخروج في بوابة مليط، إلى جانب بناء ثلاثة كيلومترات إضافية من المتاريس بين 22 و26 سبتمبر. فريق ييل لحقوق الإنسان وثّق أضراراً تتفق مع هجمات الحرق العمد في مخيم أبو شوك، حيث يبدو أن قوات الدعم السريع تنفذ عمليات تطهير ممنهجة من منزل إلى منزل. كما رُصد قصف في حي الدرجة الأولى، جنوب المخيم وشمال المطار، وهي منطقة تُعد آخر تجمع سكاني كبير داخل المدينة. مصادر مفتوحة أفادت بأن قوات الدعم السريع شنت هجمات بطائرات مسيّرة على أي نشاط بشري في الحي، بما في ذلك استهداف سوق يُزعم أن 27 شخصاً قُتلوا فيه، إضافة إلى قصف مسجد الصافية.
مؤشرات القتل
التقرير رصد أكثر من سبعين قبراً جديداً خلال أسبوع واحد، بينها ثلاثون في حي الدرجة الأولى وأربعون قرب المطار، حيث تتمركز القوات الحكومية. هذه المؤشرات تعكس ارتفاعاً حاداً في عدد الضحايا نتيجة الهجمات المستمرة. مختبر ييل للأمن البشري أكد وجود أكثر من سبعين تلة دفن جديدة في الفاشر، استناداً إلى صور أقمار صناعية التُقطت بين 18 و26 سبتمبر. تم إنشاء مقبرة جديدة شمال المستشفى السعودي في حي الدرجة الأولى، تضم ما لا يقل عن ثلاثين تلة دفن، إلى جانب أربعين تلة إضافية في مقبرة قرب المطار، الذي يُعد قاعدة العمليات الفعلية للقوات المسلحة السودانية.
منهجية التقرير
يعتمد مختبر ييل للبحوث الإنسانية على منهجية دمج البيانات من مصادر مفتوحة وتقنيات الاستشعار عن بُعد. وقد تم إعداد هذا التقرير من خلال التحقق المتقاطع بين بيانات الأقمار الصناعية، والمصادر المفتوحة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والتقارير الإخبارية المحلية، والوسائط المتعددة، إلى جانب بيانات الاستشعار الحراري، لتقديم صورة دقيقة وشاملة عن الوضع الميداني في مدينة الفاشر.



إرسال التعليق