إسلاميون في السودان يدعون لتحالف رسمي مع الحزب الشيوعي - صوت الوحدة

إسلاميون في السودان يدعون لتحالف رسمي مع الحزب الشيوعي

المصدر : اخبار السودان

في تحول لافت في الخطاب السياسي السوداني، وصف عدد من الإسلاميين في البلاد العلاقة بين الحركة الإسلامية والحزب الشيوعي بأنها قائمة على أرضية مشتركة تتمثل في تجاوز الطائفية، مشيرين إلى إمكانية فتح قنوات للحوار أو التفاهم بين الطرفين. هذا الطرح جاء في سياق دعوات أطلقتها قيادات بارزة في الحركة الإسلامية السودانية لتأسيس مرحلة جديدة من التعاون السياسي، يكون محورها دعم المؤسسة العسكرية في حماية الوطن والمواطن، وبناء تحالف وطني يتسم بالعقلانية والعملية، مع ترحيب واضح بعودة الأحزاب السياسية إلى النشاط في العاصمة.

موقف الشيوعي

قبل يومين، تقدم الحزب الشيوعي السوداني بمذكرة رسمية إلى المدير التنفيذي لمحلية أم درمان، طالب فيها بتحديد موعد لتسليم مقره الذي قال إن إحدى الوحدات النظامية استولت عليه. هذه الخطوة أثارت ردود فعل واسعة، خاصة بعد أن اعتُبر تقديم المذكرة اعترافاً ضمنياً بسلطة الأمر الواقع، وهو ما فتح باباً للنقاش حول موقع الحزب من السلطة القائمة. القيادية الإسلامية سناء حمد العوض تناولت هذه التطورات في مقال نشرته على صفحتها الرسمية بعنوان “لأجل الوطن”، اعتبرت فيه أن عودة الأحزاب للعمل في العاصمة تمثل مؤشراً إيجابياً على تعافي الحياة السياسية، ووصفت طلب الحزب الشيوعي باستعادة مقره بأنه إجراء حضاري يتماشى مع اللوائح والقوانين.

إشادة تاريخية

في سياق تمهيدها لفكرة التقارب بين الإسلاميين والشيوعيين، استعرضت سناء حمد تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، مشيرة إلى أنه كان أول حزب أيديولوجي في البلاد، وأول من ابتعد عن الطائفية السياسية. كما أشادت بكونه أول حزب سوداني يضع قانوناً ولوائح داخلية، ويعتمد آلية انتخاب للسكرتير العام، إلى جانب ريادته في الإنتاج الثقافي وتنظيم الندوات السياسية ذات الطابع المختلف. ولفتت إلى أن الحزب كان يمتلك مكتباً عسكرياً وآخر للتأمين، وبرزت داخله قيادات نسوية منذ عام 1948، ما يعكس عمق تجربته التنظيمية والفكرية.

تجربة الإخوان

سناء حمد قارنت بين تجربة الحزب الشيوعي ونشأة حركة الإخوان المسلمين التي جاءت بعده بأشهر، مشيرة إلى أن الأخيرة استقطبت التيارات المحافظة، وضمّت في صفوفها شخصيات بارزة كانت تنتمي سابقاً للحزب الشيوعي، مثل الشيخ يس عمر الإمام، الذي اعتُبر منارة داخل الحركة الإسلامية. وأوضحت أن الحركة استفادت من التجربة التنظيمية للحزب الشيوعي في بناء هياكلها وشبكات علاقاتها، ما ساهم في ترسيخ حضورها السياسي والاجتماعي.

دعوة للحوار

وصفت سناء الحرب الدائرة حالياً في السودان بأنها غير مسبوقة في تاريخ البلاد، مؤكدة أن السودان يمر بمرحلة مفصلية تستدعي مراجعة العلاقات بين القوى السياسية، وعلى رأسها الإسلاميون والشيوعيون. ودعت إلى فتح صفحة جديدة تقوم على الاتفاق حول استقلال القرار الوطني، وعدم الارتهان للخارج، إلى جانب دعم المؤسسة العسكرية في أداء دورها الوطني. كما ناشدت العقلاء من الطرفين إلى تجاوز الذات والانخراط في حوار أو تفاهم صامت، يفضي إلى بناء تحالف وطني عاقل وعملي، يضع مصلحة السودان فوق أي اعتبارات حزبية أو أيديولوجية.

دعم ميداني

في السياق ذاته، عبّر القيادي الإسلامي المصباح أبوزيد طلحة، قائد فيلق البراء بن مالك الذي يقاتل إلى جانب الجيش، عن دعمه لطلب الحزب الشيوعي باستعادة مقره في أم درمان. وكتب منشوراً على صفحته قال فيه: “تم الاستيلاء عديل؟”، مضيفاً: “إن صح الخطاب فمرحباً بعودة الحياة المدنية والسياسية، ومرحباً بكل السياسيين الشرفاء الذين يقفون مع سيادة البلاد وجيشها وأمنها وشرطتها”، في إشارة إلى ترحيبه بعودة النشاط السياسي المنظم.

جدل سياسي

هذا التقارب المفاجئ بين الإسلاميين والحزب الشيوعي أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، خاصة بعد سلسلة من المواقف التي اتخذها الحزب مؤخراً، والتي اعتُبرت من قبل البعض مؤشراً على دعمه للسلطة القائمة. ومن أبرز تلك المواقف زيارة فرع الحزب في عطبرة، أواخر يوليو الماضي، إلى وزير البنى التحتية بولاية نهر النيل، حيث قدم مبادرة لحل أزمة مياه الشرب عبر تمويل مشروع للطاقة الشمسية، وهو ما اعتُبر تماهياً مع سلطة الجيش التي تحكم البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021.

خلفية تاريخية

هذه التحركات أعادت إلى الواجهة مواقف الحزب الشيوعي المتشددة تجاه القوى المدنية، منذ خروجه من تحالف الحرية والتغيير في يوليو 2020، عقب الإطاحة بحكومة الرئيس المعزول عمر البشير. وقد نشط الحزب لاحقاً في عرقلة جهود حكومة رئيس الوزراء الانتقالي عبد الله حمدوك، وصولاً إلى استقالته بعد انقلاب أكتوبر، وهو ما دفع العديد من القوى المدنية إلى اتهامه بخدمة أهداف الانقلابيين والتماهي معهم، حتى بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023، في ظل استمرار موقفه الرافض للتحالفات المدنية.

إرسال التعليق

لقد فاتك