صوت الوحدة تحاور الشاعر سليمان الهادي مسبل - صوت الوحدة

صوت الوحدة تحاور الشاعر سليمان الهادي مسبل

مرحبا بك أخي الشاعر سليمان الهادي مسبل في صحيفة صوت الوحدة؟.

مرحبا، يسرني جدا أن أكون ضيفا لكم

بدايةً دعنا نلقي ضوءً على سيرتك الذاتية والأدبية ؟.

أنا سليمان الهادي مسبل ولدت في 18 أكتوبر 2001، بمدينة أبو جابرة، ولاية شرق دارفور.
هاجرت إلى مدينة نيالا في العاشرة من عمري طالبا للعلم فحفظت القرآن في سن الرابعة عشر، ثم تخرجت من معهد الإمام مالك العلمي ، ثم درست في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية . أحببت الشعر منذ الصبا، ونظمته يافعا.

هل كان هناك سبب أو دافع أوقد شعلة الإبداع في قلب سليمان، وكيف كانت بداياتك مع الشعر؟.

لا أذكر سببا معينا دفعني للنظم ، لكن محبتي للشعر كانت مبكرة جدا ، بعض شيوخي كان ينصحني بحفظ المنظومات العلمية مع القرآن الكريم. والمنظومات كما تعلم ليست من الشعر لكنها كانت لي وسيلة إليه.
فازددت حبا للشعر وتوسع إطلاعي فيه فقررت أن أجرب الكتابة وبدأت المحاولات…

هل ينتصر شاعرنا لغرض شعري بعينه على حساب الأغراض الأخرى ؟.
أنتصر للفصاحة وجودة التعبير، بغض النظر عن الغرض، لكن أجدني شديد الانجذاب للشعر الحزين فهو أقرب الفنون إثارة لنفسي،
وأترنم به كثيرا كثيرا كقول أبي الطيب:

رماني الدهر بالأرزاء حتى
تكسرت النصالُ على النصالِ
والأبيات بعده….
وهذا الفن هو الغالب على شعري.

سليمان كما يُوحي شعرُه، هو شاعر يميل إلى الأصالة والتراث، ما رد الأخ سليمان على ذلك؟.
نعم صحيح، أنا رجل محب لهذه الأمة العربية أو عاشق لها، فميولي لتراثها فرع عن ذلك الحب، ونشأتي وتربيتي أيضا لها دور في ذلك.

هناك بعض المزاعم تروِّج أن القصيدة العمودية لا يمكن أن تستوعب تطوّر عصرنا الحالي وصيروراته؟.
أحسنت إذ سميتها ” مزاعم” .
” عصرنا الحالي” عصرُ مضغ للألفاظ وإلقائها على عواهنها دون معانٍ ،
فإن سألت سؤالا محددا ما هي “التطورات”
” والصيرورات” التي تعجز عنها القصيدة العمودية؟
وما هو ضابط ذلك العجز؟
لم تجد جوابا فاصلا إلا ألفاظا تدور في فلك الثرثرة.

وعندي أننا نحن:
1- ضعفنا عن قراءة العربية ومعرفة مفرداتها وتراكيبها وأساليبها البيانية الساحرة .
2- وقلّتْ الموهبة التي تستطيع أن تدرس العربية ثم تُطوّع لها مجريات العصر.
ثم ألقينا عجزنا على القصيدة العمودية وقلنا (ضعُفتْ…)

كما قال العربي الأول:
ويأخذ عيب الناس من عيب نفسه
مراد لعمري ما أراد قريبُ

فجهلنا بالعربية مصيبة ونسبتنا العجز للشعر العمودي مصيبة أعظم!!.

لكني أسارع فأقول إن المواهب متوفرة لكنها مقطوعة الصلة بماضيها ، متصلة بماضي غيرها كالأدب الفرنسي والأمريكي وغيره.

و هذا الانقطاع عن العربية له أسباب كثيرة لا أريد أن أطيل الجواب بذكرها لكن لابد أن أُحيل القارئ إلى كتابين أحدهما( أباطيل وأسمار) و( الطريق إلى ثقافتنا)
كلاهما لمحمود شاكر.، أتوسل للقارئ الجاد أن يطلع عليهما ..

ما رأيك بشفافية في قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر؟.
أنا شديد الاعتراض لهذه الأنواع!.
ولو كان الأمر مجرد الخروج عن الأوزان والقوافي لهان!.
لكن القضية أن كثيرا ممن يكتب بهذين النوعين، يكتب كلاما لا معنى له! .
هو يتعلل بالغموض لكنه في الحقيقة لا معنى له يقول أحدهم: (هذه ممتلكاتي أفتح الشمسية والقناني أتزلج في الجغرافيا!!)

فأنا أسأل تعلما لا تعنتا ما معنى هذا الكلام؟ .
هذه هي المعضلة الكبرى بالنسبة لأهل هذه الاتجهات ، إلغاء المعنى، والعجز عن التعبير ،
ولو كان الكلام ذا معنى صحيح وبه رونق العربية الشريفة وبهائها، لقبلناه واستمتعنا به، ثم ناقشنا صاحبه في الخروج عن الأوزان نقاشا حرا مفيدا.
فجوهر الكلام هو المعنى وما عداه من النحو والعروض وسائل وأدوات.
لكن من يكتب بأسلوب ذلك النص الذي ذكرته لك لا يسمى شاعرا ولا متكلما بكلام عربي؛ ولو كتب بأوزان الخليل وما زاد عليها الأخفش!!. هذه هي “الشفافية” التي طلبت !.

الحداثة في حقل الأدب هل هي عامل بناء حيث يشكل الحاضر نموًا للماضي وامتدادًا له أم هي عامل هدم للماضي؟.

الحداثة لفظ فضفاض، حتى المنتمون إليه لم يتفقوا على تعريف يضبطه.
فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، إن كان المقصود بالحداثة أسلوب ذلك النص الذي قدمته آنفا ؛ فهي هدم لا للغة وحدها بل للعقل أيضا!.
وإن كانت حداثة أخرى تحمل من القديم ما يصلح للبقاء وتضيف إليه من إبداعات العصر فنعمّا هي.
ونقد الحداثة يتطلب كلاما كثيرا وقد كتبت عنه مقالات قديمة ، يمكن لمن يريد التوسع في معرفة رأيي أن يطلبها وأرسلها إليه إن شاء الله.

ألا يمكن أن نعد أبا نواس وأبا تمام والمتنبي شعراءَ حداثيين بالنسبة لزمانهم إذ كلٌّ من هؤلاء شكل لحظة تجاوز لماضيه دون انقطاع عنه ؟.

اعتبارهم شعراء حداثيين مبني على تصورنا للحداثة نفسها كما سبق.
إن كان المقصود أنهم جددوا في مناهج الشعر واعتمدوا طرق معينة كالإكثار من البديع عند أبي تمام والبداءة بالخمر عند الحسن بن هانئ، وكالتعمق والفلسفة عند المتنبي، فلنسمهم حداثيين بهذا المعنى.
وأحب أن أنبه إلى أمر وهو أن هولاء الثلاثة كانوا علماء بالشعر حفظة له فلذلك استطاعوا أن يجددوا فيه نوع تجديد أما أبو نواس فقد قال : (ما قلت شعرا حتى رويت لستين امرأة منهن منهن الخنساء وليلي الأخيلية دعك عن الرجال) !!
وأما المتنبي فإنه سأله ابن جني- إمام العربية واللسانيات عامة-، فقال له: كم لنا من الجموع على وزن فِعلى ؟
فقال المتنبي : حِجلى وظِربى
قال ابن جني: فبحثت أياما ولم أجد على هذا الوزن غيرهما،

وأما أبو تمام وما أدراك ما أبو تمام!!
فإن كتابه الذي سُمي بالحماسة من أجود المختارات من شعر العرب في الجاهلية وما بعدها، حتى قيل أن أبا تمام في حماسته أشعر منه في شعره!.

فمن كان عنده مثل علم هولاء وموهبتهم فيمكن أن يجدد ويخترع مذهبا وينقض مذاهب.

وأرجو من القارئ الكريم أن يقرأ ديوان كلّ شاعر يريد الحديث عن شعره ومنهجه، من هولاء الثلاثة أو غيرهم يقرءه قراءة متأنية ويدرس العلوم التي تمكنه من فهم شعر ذلك الشاعر ، ثم بعد ذلك يحكم عليه بناءا على ما توصل إليه من البحث .

حاوره محمد الحبيب يونس(المحرر الثقافي لصوت الوحدة)

إرسال التعليق

لقد فاتك