البشر العريفي يكتب : الحياد خيانة مغلّفة بالخوف، ومن يخون ذاته يخون وطنه
المحايدون في لحظات الحقيقة ليسوا سوى خونة لأنفسهم قبل أن يكونوا خونة للوطن. فمن يفرّ من اتخاذ موقف واضح، ويتحايل على ضميره، لا يُنتظر منه أن يكون وفيًّا لقضية شعب أو مبدأ ثورة.
جميع من يدّعون الحياد يدركون تمامًا أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) كان الوحيد الذي أعلن موقفًا واضحًا من جريمة فضّ اعتصام القيادة. وهم يعلمون — كما أثبتت تقارير عديدة — أنه لم يكن جزءًا من تآمر الإسلاميين وجرائمهم في ذلك اليوم الأسود.
كما أنهم لا يجهلون صدقه تجاه شعارات ثورة ديسمبر المجيدة، واعترافه النادر بمشاركته في انقلاب 25 أكتوبر، والذي وصفه — بشجاعة — بأنه “انقلاب”، في وقت ظلّ فيه بعض من يُحسبون على الثورة يطلقون عليه تبريرات مضللة من شاكلة “تصحيح المسار”.
كان حميدتي القائدَ الوحيد الذي تمسّك بالاتفاق الإطاري ورفض التراجع عنه، باعتباره الفرصة الأخيرة للانتقال المدني الديمقراطي، وتحقيق دولة العدالة التي تحاسب المجرمين من الإسلاميين ومن والاهم من المتواطئين والمهادنين.
ولعل القوى السياسية التي تهاجمه علنًا، كانت — ولسنوات — تتقرب منه سرًّا وتغازله، مدركةً أنه الضامن الوحيد لتحقيق تطلعات الثورة من خلال قواته المخلصة. أما الحركات المسلحة، فقد انكشفت أهدافها الحقيقية، إذ لم تسعَ سوى للسلطة والثروة، وهو ما تجلّى مؤخرًا في صراعاتها المكشوفة مع حكومة بورتسودان حول التشكيل الوزاري المرتقب.
من يعرف كل هذه الحقائق ويتجنب الاعتراف بها خوفًا من أن يُوصم بأنه “في صف الميليشيا”، هو شخص جبان، لا يستحق أن يُحسب على الثورة. فالثائر الحقيقي لا يخشى الموقف، ولا يتردد في الانحياز إلى الحق، ولا يختبئ خلف شعارات الحياد الزائف
إرسال التعليق