عزيز الدودو : هل يُعاني الوزير الأمريكي من حَوَلٍ في عينيه؟
أثارت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي عن الأوضاع في السودان ردود أفعال متضاربة، خاصة فيما يتعلق بحديثه عن وقف إمداد قوات الدعم السريع بالسلاح، ولمح إلى جهات لم يُسمِّها متّهماً إيّاها بإمداد الدعم السريع بالسلاح وتوفير نقاط لتوصيل الشحنات إلى السودان.
وكانت أخطر جزئية في تصريح وزير الخارجية الأمريكي هي التهديد بتصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية إذا كان هذا الإجراء – حسب حديثه – يساعد على وقف معاناة المدنيين ويدعم مشروع الهدنة، مؤكداً أن الدعم السريع، رغم موافقتها على الهدنة، لا تلتزم بتنفيذ متطلباتها. وهذا حديثٌ مُجانبٌ للحقيقة؛ إذ إن الدعم السريع أبدت مواقف إيجابية تجاه جميع مبادرات السلام، وعلى العكس من ذلك، ظل الجيش يعرقل كل جهود السلام. لكن الوزير تجاهل هذه الحقيقة واتبع هواه، تنفيذاً لإملاءات جارة السوء التي تستضيف اجتماعات الرباعية الدولية التي ترعاها أمريكا. يبدو أن الوزير الأمريكي تأثر كثيراً بالإملاءات المصرية لدرجة تجاهله المتعمّد لكل ما يفعله الجيش من عرقلة جهود السلام ورفضه للهدنة واستهدافه قوافل المساعدات الإنسانية. كل هذه الانتهاكات والتصريحات العلنية لقادة الجيش، وفي مقدمتهم البرهان، وأخيراً ياسر العطا الذي سخر من الرباعية واستبدلها بعبارة “بل بس” ذات الأربعة أحرف قائلاً: “هذه هي رباعيتنا”. لكن يبدو أن الوزير الأمريكي يُعاني من حَوَلٍ في عينيه يحرمه من رؤية الحقيقة بشكلها المجرد، وإنما بدا الحَوَلُ واضحاً في عينيه عندما أدان الدعم السريع رغم موافقتها على الهدنة، وغضّ الطرف عن الجيش الذي رفض التجاوب مع مساعي الرباعية الدولية بخصوص الهدنة. أو ربما أراد النظر إلى الجيش فوقَع نظره على الدعم السريع بسبب الحَوَل الذي أصاب عينيه!
إن التهديد بتصنيف الدعم السريع كجماعة إرهابية لا يحل الأزمة بل يزيد الأمور تعقيداً. بل إن الأمريكيين أنفسهم يعلمون أن الجهة الإرهابية هي تنظيم الإخوان المسلمين، وأن الجيش متورط في الإرهاب ويشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأمريكي. لذلك لا يمكن أن يترك الوزير تنظيم الإخوان المسلمين – بسجله الإرهابي المعلوم بالأدلة والبراهين – ويصنِّف الدعم السريع كجماعة إرهابية. فالدعم السريع يسيطر الآن على أرض أكبر من مساحة أربع دول أوروبية، وإذا كان الوزير يسعى إلى حماية المدنيين بهذا الإجراء فهو مخطئ؛ لأن هذا التصنيف سيعطّل جهود الإغاثة والمساعدات الإنسانية، كما حدث في اليمن عندما صنَّفت إدارة ترامب في ٢٠٢١م الحوثيين كجماعة إرهابية، ثم جاءت إدارة بايدن في نفس العام وألغت القرار لدواعٍ إنسانية.
إن الإملاءات المصرية واضحة في تصريحات الوزير الأمريكي التي أسعدت حكومة بورتسودان. فمصر لا تزال تراهن على الجيش وتحاول التأكيد للأمريكيين على ضرورة المحافظة على الجيش السوداني؛ لأن مصر تخاف من إنهاء نفوذها في السودان إذا تم تفكيك الجيش السوداني. لذلك تحاول مصر تضليل المجتمع الدولي بهدف إقناعهم بالحفاظ على الجيش السوداني رغم تغلغل الإسلاميين داخل هياكله، بعلم أجهزة المخابرات العالمية بما فيها المخابرات الأمريكية التي تعلم كل صغيرة وكبيرة بخصوص الأزمة السودانية.



إرسال التعليق