عمار نجم الدين يكتب : من المساجد إلى دور المؤتمر: إرث الإخوان يتجدد باغتصاب الأطفال على يد درع السودان
حادثة اغتصاب أطفال مستنفرين داخل دار المؤتمر الوطني المحلول بالحصاحيصا على يد عناصر من قوات درع السودان ليست جريمة عابرة، بل هي صورة متكاملة تعكس طبيعة هذه المليشيات، وتحالفها مع جيش بورتسودان، وارتباطها التاريخي بالمشروع الإخواني الذي زرع هذه الممارسات في جسد الدولة والمجتمع. ما حدث في الحصاحيصا هو إعادة إنتاج لإرث كامل بناه الإخوان المسلمون منذ عقود: إرث يقوم على تحويل الدين إلى ستار، والطفولة إلى وقود، والسلطة إلى أداة للانتهاك.
الإخوان اتخذوا من المساجد وجمعيات القرآن الكريم منصات لتعبئة الأطفال والشباب بالدعاية السياسية، وحوّلوا البنوك إلى أدوات للنهب، والمقار الحكومية إلى أوكار للفساد، فكان طبيعيًا أن تتوالد من هذه البيئة مجموعات لا تعرف سوى الاستغلال والعنف والاعتداء على الأعراض. وما يفعله درع السودان اليوم ليس سوى استمرار مباشر لذلك النمط: استنفار أطفال، سُكر متواصل، واغتصاب جماعي، بينما الخطاب المعلن يتحدث عن الكرامة والجهاد.
التاريخ يقدم لنا شاهدًا حيًا على هذا المرض: الشيخ حاج نور، أحد كبار قادة الإخوان المسلمين في التسعينات، الذي اشتهر بمثل هذه الممارسات حتى قُتل على يد جندي من سلاح الاستخبارات. ورغم فساده الفاضح، لم يجد الترابي إلا أن يبرّره بعبارة صادمة: «حاج نور فاسد الجسد، طيب الروح». تلك العبارة تكشف جوهر المشروع كله: التغطية على الجرائم والانحرافات الأخلاقية بخطاب ديني زائف.
من حاج نور إلى مغتصبي الحصاحيصا، السلسلة متصلة، والمشروع واحد. ذهنية مريضة ترى في أجساد الأطفال والنساء مادة مباحة، بينما ترفع شعارات الفضيلة والوطنية. جيش بورتسودان اليوم يتحمل المسؤولية الكاملة لأنه يحمي هذه البنية ويغطيها، وهو نفسه وريث نفس الثقافة التي سلّحت الأطفال وزجّت بهم في حروب بلا معنى منذ عقود.
هذه الجريمة ليست فقط انتهاكًا فرديًا، بل هي جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. تجنيد الأطفال محظور دوليًا، والاغتصاب الجماعي في النزاعات المسلحة يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي. المسؤولية لا تقع على المنفذين وحدهم، بل تشمل قادتهم ومن سمح لهم بهذا السلوك، وتفتح الباب لمساءلة واسعة محليًا ودوليًا.
حادثة الحصاحيصا تكشف بوضوح أن ما يجمع بين درع السودان وجيش بورتسودان هو ذات الإرث الإخواني الذي اتخذ من المساجد وجمعيات القرآن والبنوك والمقار الحكومية نمطًا مستمرًا للسلوك اللا إنساني. حديثهم عن الكرامة مجرد ستار، وحروبهم ليست إلا غطاءً للانتهاكات والاغتصاب. وما لم يُقطع هذا الإرث المريض، سيظل أطفال السودان أول الضحايا في دولة الزيف والاغتصاب.


إرسال التعليق