مشاورات أديس أبابا تواجه الانهيار وسط انسحابات سودانية متزايدة
المصدر : السودان نيوز
في ظل تصاعد الانقسامات السياسية، تواجه المشاورات التي يعتزم الاتحاد الأفريقي تنظيمها بشأن الأزمة السودانية بين السادس والعاشر من أكتوبر المقبل في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، انتكاسات متتالية مع توالي الاعتذارات والاشتراطات من القوى السودانية المدنية والعسكرية على حد سواء. المبادرة، التي تحظى بدعم من منظمة “إيغاد” وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة، كانت تهدف إلى توحيد الرؤى المدنية وتشكيل جبهة تفاوضية موحدة، لكنها باتت مهددة بالانهيار قبل انطلاقها.
بحسب تقارير حديثة نشرتها منصات دولية مثل EthioMonitor خلال اليومين الماضيين، فإن الكتل السياسية المحسوبة على الجيش السوداني اشترطت استبعاد تحالف “تأسيس” الذي تقوده قوات الدعم السريع من المشاركة في المشاورات، معتبرة أن وجوده يُفقد العملية مصداقيتها، خاصة بعد أن رفضت الأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن الأفريقي والجامعة العربية الاعتراف بالحكومة التي شكلها التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع.
وفي بيان مشترك صدر عقب اجتماع ضم الكتلة الديمقراطية، وقوى الحراك الوطني، وتحالف سودان العدالة، وتنسيقية العودة لمنصة التأسيس، والمؤتمر الشعبي، وتحالف منظمات المجتمع المدني، وكتلة نساء السودان، أعلنت هذه القوى رفضها المشاركة في أي حوار تُدعى إليه حكومة “تأسيس”، واعتبرت ذلك خرقًا واضحًا للمواقف الدولية والإقليمية الرافضة لشرعنة أي سلطة موازية.
تحالف “صمود”، الذي يضم قوى مدنية بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، عبّر بدوره عن تحفظات تجاه حكومة “تأسيس”، لكنه رفض مبدأ الإقصاء، معلنًا اعتذاره عن المشاركة في مشاورات أديس أبابا، وداعيًا إلى تأجيلها حتى يتم التوافق على تمثيل شامل لجميع الأطراف الرئيسية. هذا الموقف يعكس تعقيد المشهد السياسي السوداني، حيث تتداخل الحسابات بين رفض المشاركة والدعوة إلى شمولية التمثيل، ما يضع الاتحاد الأفريقي أمام تحديات حقيقية في إدارة العملية التفاوضية.
وفي تصريحات لراديو “دبنقا”، وصف الناطق الرسمي باسم تحالف “تأسيس”، علاء نقد، المبادرة بأنها “دعوة لا تقف على قدمين”، منتقدًا رؤية الاتحاد الأفريقي للسلام في السودان، ومعتبرًا أنها لا تلبي تطلعات ثورة ديسمبر ولا تعكس إرادة السودانيين في التخلص من إرث نظام المؤتمر الوطني. وأكد نقد أن الحرب الحالية هي حرب ضد الثورة وضد المسار الديمقراطي، مشيرًا إلى أن تحالفه أصدر بيانًا من خمس نقاط يوضح فيه موقفه من الدعوة، ويؤكد انفتاحه على التعاون مع أي جهة إقليمية بشرط أن تقوم المبادرة على أسس سليمة لبناء سلام حقيقي.
القيادي في حكومة “تأسيس”، يونس الأحيمر، انتقد بدوره المبادرة الأفريقية، واصفًا إياها بأنها “خاطئة من أساسها”، لأنها تسعى لتحقيق السلام من بوابة الحرب بدلًا من بناء سلام مستدام. وأشار إلى أن الاتحاد الأفريقي يفتقر إلى أدوات الضغط الفاعلة، ويكتفي بمراقبة الأحداث دون القدرة على فرض العقوبات أو تنفيذ قراراته، على عكس الآلية الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، والتي نجحت في فرض رؤيتها في مراحل سابقة.
ومع اقتراب موعد المشاورات، يواجه الاتحاد الأفريقي ضغوطًا متزايدة لتأجيلها، وسط غياب توافق حقيقي بين الأطراف السودانية، وتزايد الانتقادات بشأن جدوى المبادرة في ظل الانقسامات الحادة. وفي وقت سابق هذا العام، حذّر مفوض الاتحاد الأفريقي بانكولي أديوي من أن استمرار الحرب في السودان “يؤثر على الجميع”، مشددًا على أن الحاجة إلى عملية سلام شاملة وذات مصداقية باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، خاصة مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتزايد أعداد اللاجئين في دول الجوار.



إرسال التعليق