العائدون الى الخرطوم يغادرون العاصمة مجددا
مصدر اخبار السودان
تشهد ولاية الخرطوم موجة غير مسبوقة من ارتفاع أسعار الإيجارات، حيث سجلت الأحياء الشعبية تفاوتًا ملحوظًا في تكلفة السكن، إذ تراوحت أسعار المنازل بين 150 ألف جنيه وتجاوزت 350 ألف جنيه في بعض المناطق، بينما بدأت أسعار الإيجارات في الأحياء الراقية من 400 ألف جنيه وتخطت حاجز 800 ألف جنيه. ويُرجع أصحاب العقارات هذا التصاعد الحاد إلى التدهور المستمر في قيمة العملة السودانية، إلى جانب موجة الغلاء التي طالت مختلف القطاعات، بما في ذلك مواد البناء والأسواق الاستهلاكية، ما انعكس مباشرة على تكلفة السكن في العاصمة.
معاناة المواطنين
في ظل هذا الواقع الاقتصادي المتأزم، عبّر المواطن عبد المنعم الأمين، العائد مؤخرًا من القاهرة، وفق منصة مداميك عن صعوبة الاستقرار في الخرطوم في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن الأوضاع الصحية والأمنية المتردية، إلى جانب الارتفاع المبالغ فيه في أسعار الإيجارات، جعلت من السكن في العاصمة أمرًا شبه مستحيل. وأوضح أن كثيرًا من المواطنين الذين عادوا إلى السودان فضّلوا تأجير منازلهم في الخرطوم، بينما اختار البعض الاستقرار في الولايات الأخرى، في حين اضطر آخرون إلى مغادرة البلاد مجددًا نتيجة التدهور الكبير الذي تشهده الولاية، خاصة مع تفشي أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك، وتراجع مؤشرات الأمن العام.
تدهور صحي
وأشار الأمين إلى أن غالبية السكان باتوا يتجنبون الخروج من منازلهم بعد غروب الشمس، بسبب استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني، وتفاقم الأوضاع الصحية نتيجة انتشار البعوض والذباب، في ظل فشل الجهات المختصة في تنفيذ حملات مكافحة فعالة للأوبئة قبل دخول فصل الخريف. هذا التراخي في الاستجابة الصحية ساهم في تعقيد المشهد المعيشي، وزاد من معاناة المواطنين الذين يواجهون تحديات يومية في بيئة غير آمنة صحياً وميدانياً.
تنظيم الشقق
في محاولة للحد من الفوضى التي يشهدها قطاع الإيجارات، أعلنت سلطات ولاية الخرطوم عن تطبيق إجراءات صارمة تستهدف الشقق المفروشة التي تعمل خارج الإطار القانوني، في خطوة وُصفت بأنها الأشد منذ سنوات لتنظيم هذا القطاع الحيوي. ووفقًا لما أوردته الجهات الإعلامية الرسمية في الولاية، فإن القرارات الجديدة تشمل الإخلاء الفوري والإغلاق لأي وحدة سكنية مفروشة لا تحمل ترخيصًا ساريًا من الإدارة العامة للسياحة، وذلك ضمن خطة شاملة لضبط النشاطات غير القانونية التي قد تُستغل في ممارسات مشبوهة أو تهدد الأمن العام.
ضبط القطاع
وبحسب ما أفادت به سلطات الولاية، فإن هذه الإجراءات تهدف إلى إعادة الانضباط لقطاع الشقق المفروشة، وضمان التزام أصحاب العقارات بالمعايير القانونية المعتمدة، إلى جانب حماية المستأجرين من المخاطر الأمنية والاقتصادية المحتملة المرتبطة بالوحدات غير المرخصة. وتأتي هذه الخطوة في ظل تنامي ظاهرة انتشار الشقق المفروشة غير الخاضعة للرقابة، والتي أثارت شكاوى متكررة من المواطنين، باعتبارها بيئة خصبة لممارسات سلبية تهدد السلم المجتمعي.
مطالب الخبراء
وقد لقيت هذه الإجراءات ترحيبًا من عدد من الخبراء والمراقبين، الذين دعوا إلى ضرورة تطبيقها بشكل صارم ومستمر، وعدم الاكتفاء بحملات مؤقتة. كما طالبوا بتعزيز دور الأجهزة الرقابية، وتفعيل العقوبات الرادعة لضمان استمرارية الانضباط في القطاع، بما يسهم في تحسين البيئة السكنية في ولاية الخرطوم، ويحد من الفوضى التي تفاقمت في ظل الظروف الاقتصادية والأمنية الراهنة.
إرسال التعليق