لسنا نقيض دولة ٥٦ نحن البديل الجذري

في سياقنا الراهن، كثيرًا ما يُطرح الصراع مع دولة ما بعد الاستعمار، “دويلة 56”، كصراع على السلطة، أو الإصلاح، أو حتى استعادة الدولة “المخطوفة”. لكن هذا الطرح يغفل السؤال الجذري: ما طبيعة هذه الدولة؟ ومن تخدم؟

في هذا السياق السياسي والاجتماعي، يجب أن نُدرك أن أزمة السودان، ومثله كثير من مجتمعات ما بعد الاستعمار، ليست أزمة إدارة أو حكومات، بل أزمة بنية شاملة.

وعليه، فإننا في #تيار_الوحدة_الوطنية لا نرى أنفسنا في موقع “النقيض” من دولة 1956، بل نؤكد بوضوح أننا البديل الجذري لها، وهذا ما يجب على شركاء معركة التحرر إدراكه، لا سيما رفاقنا في مشروع “تأسيس”.

فنحن لا نتموضع كـ”نقيض” لهذه الدولة، لأن النقيض غالبًا ما يتحرك داخل ذات الإطار المفاهيمي والبنيوي، أو ضمن نفس المرجعيات التي أسّست النظام القائم، لكنه يبقى في موقع المعارض غير القادر على تجاوز أسسه وشروط نشأته.

فعندما نقول “نحن البديل”، فذلك لأننا ننطلق من قطيعة معرفية وسياسية كاملة مع البنية التي أنشأتها دولة 56، والتي لم تكن سوى استمرار للبنية الاستعمارية بأدوات محلية، ونسعى نحن إلى بناء واقع جديد بالكامل.

دولة 56، التي تأسست لحظة الاستقلال الشكلي، لم تكن يومًا مشروعًا وطنيًا تحرريًا، بل كانت امتدادًا للبنية الاستعمارية، مع استبدال النخب الأجنبية بأخرى محلية: ورثة الامتيازات، ووكلاء الاستعمار الداخلي، والنخب الطائفية والعسكرية التي أُعيد تموضعها ضمن جهاز الدولة الجديد.

فهذه الدولة، منذ نشأتها، لم تكن “دولة وطنية” بالمعنى الفعلي، بل كانت دولة انحياز طبقي ومناطقي وعرقي.

لقد أعادت إنتاج علاقات السلطة والثروة بما يخدم فئات محددة تتمركز في الوسط النيلي والطائفة والعسكر، بينما عمدت إلى تهميش الغالبية الساحقة من السكان، لا سيما في الأطراف.

وهكذا، تحوّلت “الاستقلالية الشكلية” إلى استعمار داخلي مستمر، من المركز نحو المحيط.

لقد بُنيت هذه الدولة على أسس من التفاوت الطبقي والجهوي والعرقي، واستندت إلى أدوات القمع والسيطرة: من جهاز بيروقراطي مركزي، إلى جيش موروث، إلى قانون استعماري، إلى تعليم يعيد إنتاج الخضوع، وإعلام ينشر وهْمًا قوميًا زائفًا.

ومع كل تغيير شكلي في السلطة (انتخابات، انقلابات، اتفاقات، ثورات)، ظل جوهر الدولة ثابتًا: فهي دولة لا تخدم فئاتنا الاجتماعية، بل تعيد إنتاج علاقات الهيمنة ذاتها، عبر تقولبها المستمر في كل حقب التاريخ السوداني.

لهذا، فإن مشروعنا لا يسعى إلى تحسين هذه الدولة أو استعادتها، بل إلى تفكيكها بالكامل، وبناء بديل تحرري جذري يقوم على مبادئ أساسية، منها:

  • العدالة الاجتماعية
  • الوحدة الوطنية
  • السلام الاجتماعي والتعايش السلمي
  • المشاركة الواسعة لفئاتنا الاجتماعية في السلطة والثروة
  • التحرر من البُنى الاستعمارية القديمة
  • إعادة تعريف الدولة من حيث الغاية، والوظيفة، والسند الاجتماعي

نحن لا نطالب بإصلاح “شكل الحكم”، بل نُعيد طرح سؤال:

لِمن تُبنى الدولة؟ وعلى أي أساس؟ ومن يقرر؟

فنحن لسنا في خصومة مع فاعلين داخل دويلة 56، بل في قطيعة شاملة مع كل ما تمثّله: من نخبها، إلى مؤسساتها، إلى مشروعها التاريخي ذاته.

نحن البديل، لا لأننا نمثّل وجهًا آخر للصراع القديم، بل لأننا نحمل مشروعًا يعيد تعريف السياسة نفسها، وينقل مركز الفعل من الدولة إلى الناس.

إننا نحمل مشروعًا جديدًا بالكامل، ينهض من تحت:

من قواعد فئاتنا الاجتماعية، من الجماهير، من الهامش، من خبرات المقاومة الشعبية، من دماء الشهداء، ومن خيال وذاكرة المجتمعات التي لا تزال تقاتل من أجل حقها في الحياة.

لذلك نقول مجددًا وبوضوح:

لسنا نقيضًا لدولة 56… نحن البديل الجذري

إرسال التعليق