المعايير المزدوجة في التعامل مع انتهاكات الجيش و الدعم السريع : نفاق صريح و عار أخلاقي
من المؤسف أن نجد أنفسنا اليوم أمام ظاهرة مخزية يمارسها بعض النشطاء والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني، حيث تتجلّى المعايير المزدوجة بشكل صارخ في التعامل مع انتهاكات الجيش وقوات الدعم السريع. هذا التناقض في المواقف والسلوكيات يكشف عن مستوى عميق من الانحياز والنفاق الأخلاقي الذي لا يمكن التغاضي عنه.
عندما يرتكب أفراد من الدعم السريع انتهاكات — سواء أكانت حقيقية أم مجرّد شائعات — تقوم هذه الجوقة المتحيّزة بالصراخ والعويل، متجاهلين التحقيق أو التثبّت من صحة هذه المزاعم. تتحول المنصات الإعلامية إلى ساحة لجلد الدعم السريع دون هوادة، حتى لو كان الاتهام لا أساس له من الصحة.
في المقابل، عندما يتعلّق الأمر بانتهاكات الجيش، وهي موثّقة بالصوت والصورة وبشهادات الضحايا أنفسهم، نجد صمتًا مريبًا أشبه بصمت القبور. مشاهد مروّعة لجنود يذبحون المدنيين من الوريد إلى الوريد، ويرمون الجثث من أعلى الجسور، ويغتصبون النساء بلا رحمة تحت ذريعة تعاونهن مع الدعم السريع، لا تلقى سوى تجاهل متعمّد من هؤلاء “المدافعين المزعومين” عن حقوق الإنسان.
هذا التناقض الفاضح يضعنا أمام حقيقة واضحة: هؤلاء النشطاء والمثقفون الذين ملأوا آذاننا بادّعاءاتهم عن العدالة والمساواة، ليسوا سوى أشخاص مزيفين يفتقرون إلى أدنى درجات النزاهة. بل وأكثر من ذلك، هم عنصريون يختارون الوقوف مع جهة دون الأخرى، رغم معرفتهم الكاملة بأسباب الحرب، ومَن بدأها، ومَن يصرّ على استمرارها.
الأدهى والأمرّ، أنه مهما حدث من انتهاكات واضحة ومثبتة في أي بقعة من العالم، تجدهم يحملون النتيجة دائمًا للدعم السريع، وكأن هذه القوات أصبحت كبش فداء لكل أزمة. هذه العقلية الانتقائية تكشف عن أجندة خفية تهدف إلى تشويه طرف بعينه وتبرئة طرف آخر مهما كانت جرائمه.
إننا أمام كارثة أخلاقية ومهنية تقتضي فضح هذا النفاق والتواطؤ العلني. لقد أصبح من الواضح أن هذه الفئة التي تدّعي الدفاع عن المظلومين ليست سوى أداة لخدمة مصالح وأجندات معيّنة، بعيدة كل البعد عن الحق والعدالة
إرسال التعليق