تغيير عقيدة الجيش آم عقيدة الدولة نفسها
الجيش ده هو ميليشيا الحركة الإسلامية، دي قناعتي. وهو ما بقاتل الدعم السريع عشان الكرامة الوطنية زي ما إنت داير تقنع روحك، عشان تحدد موقعك من المتحاربين وتجي تعمل لينا داك يا الود الوطني النبيل في مواجهة الخونة والعملاء.
والأنا بصر عليه هنا — وهنا دي طبعًا تمس جانب موضوعي — هو إنك في الحقيقة واقف مع الموقع البحقق ليك احتياجاتك الطبقية، حتى ولو في حدود الهامش النضالي وسرديات البطولات الثورية بتاعت “الحالات الباردة”.
ذلك لأن المسافة بينك وبين السلطة التاريخية هي مسافة مألوفة ومعروفة ومُجرَّبة، ولا تريد أن يعكّر صفو تناقضاتها الثانوية التي تعرف دروبها جيدًا، تناقض جديد من خارج البيئة التي شكّلت وعيك.
وكانت هذه الحرب حقًا هي المهدد الأكبر للمكاسب الرمزية والمادية — حتى ولو كانت بسيطة — لكن أهو بترجعك آخر الليل مطمئن لفراشك لتحلم بالثورة والتغيير صباح الغد.
في منتصف التسعينات، ونحن مفلسين، والالتحاق بأي عمل أو وظيفة كان زي اللوتري، فتحت كولا والبيبسي وظائف الموزعين، الناس الكانوا يركبوا في العربات ويلفّوا على الدكاكين ويوزعوا في البيبسي والكولا.
النواة الأولى لإمبراطورية أسامة داؤود قبل أن يصبح الاستثمار في “حراتت” الأرض والتراكتورات جزء ضئيل من ماضي الاستثمار.
كان هؤلاء الشغيلة/الموظفين الكبار لاحقًا هم من كوادر اليسار السوداني من خريجي الجامعات الذين تم استيعابهم في الكولا والبيبسي (هم بالمناسبة ناس شطار ويستحقوا مواقعهم عن جدارة).
كان ذلك في عهدٍ بدأ فيه التحالف الاقتصادي بين الرأسمال الطفيلي تحت عباءة الإسلام السياسي، وبين الاقتصاد الرأسمالي الطفيلي الدولي العابر للقارات (طلائع النيوليبرال).
وكان الاتفاق بيقول: “نحن بنجيب اليسار لينا، وإنتو ودوا أولادكم الأمن وشركاتكم، وينك يا أمدرمان الوطني، وخلونا نقتسم المجال الاقتصادي (بما يرضي الله ورسوله)”.
واقع الأمر، الجيش والكيزان ما ضد الإمارات (دولة الشر) من منطلق وطنيتهم، لكن من منطلق إنهم واقعين تحت يدهم موارد السودان كلها.
والإمارات لو عرضت سعرًا على السودان ورأس كل سوداني كويس ومرضي، هم أبدًا ما عندهم مانع.
لكن مشكلتهم مع الإمارات إنو الإمارات مُصرّة في سوق التنافس الدولي على إنها تكون المشتري الحصري لمواردنا، والمشتري “اللديح” كمان.
ولو رفضنا، تشيلها بالقوة. وهم مصرين على توسيع السوق عشان يشوفوا عروض تانية من روسيا، من إيران، من السعودية، من قطر، أو من غيرها من دول العالم، بما يعزز السلطة السياسية والاقتصادية معًا (دي ما بتبقى من غير دي).
بالتالي، خلافهم معاها كان خلاف في “استراتيجية السوق” التي يتبعها كل واحد منهم: الإمارات كمشتري، والجيش أو الكيزان كبائع.
وفي كل الأحوال، إنت، والوطن، وكل حاجة — البضاعة التي يُراد البحث لها عن أفضل مشتري في سوق المنافسة العالمية الذي تطوّر إلى حرب.
عموماً، نحن حنقعد نكتب كتير خلاص، عشان نفج دربًا للتفكير والمنهج.
لكن لا أظن بأننا سنصل إلى نتيجة أبدًا وسط هذا القدر من التسطيح المتعمَّد للمنظومات اليسارية كلها، وسيادة نوع من الكادر لا يقرأ ولا يريد أن يعرف، معبأ بقاموس السباب، وممتلئ حد الانتفاخ بكل أصناف الشعار.
وفي مشهد هذه الحرب، خلينا نتبع أثر المثل السوداني ونقول: “كل طبقة تحدّثها مصالحها.”
إرسال التعليق