الإدارات الأهلية بين فشلها الاجتماعي و تخبّطها السياسي : غياب الموقف و انحياز للكيزان

في وقت يتطلّب فيه الموقف وضوحًا، والصوت صدقًا، تُثبت الإدارة الأهلية في مناطق سيطرتنا فشلًا اجتماعيًا وتخبّطًا سياسيًا، يكشفان عن عمق الأزمة التي نعيشها، حيث تتربّع على عروشها عقليات كيزانية معتّقة، لم تخرج من عباءة الولاء للأنظمة الفاسدة، ولم تنحز يومًا لمعاناة الناس ولا لمستقبل أبنائهم.

وكما قال العرب قديمًا: “إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت”، فإن هذه الإدارات لم تعد تخجل من صمتها المُريب، في وقت تُمارَس فيه أبشع أنواع التحريض والتجييش من قِبَل الإدارات الموالية للجيش الكيزاني الإخونجي في شرق السودان وشماله ووسطه، والتي تتاجر بتاريخ القبائل وتغذّي الحقد الدفين تجاه المجتمعات التي ظلّت تدفع ثمن نُبلها وصبرها.

برود قاتل.. وموقف غائب

من يفهم في أمور السياسة يدرك أن المواقف لا تُقاس بالكلام المنمّق ولا بالخُطب الجوفاء، بل بالفعل الجريء. أما ما نراه اليوم من إداراتنا الأهلية، فهو “برود يقطع النياط”، كأن لسان حالهم يقول: “أنا ربّي وربّك الله، والحاصل ما شغلي”، بينما الواقع ينزف، وأبناؤنا يُتركون لمصير ضبابي لا يعرف إلا الخيبة والتهميش.

إداراتنا تُهادن، بينما إداراتهم تُعبّئ

في وضح النهار، تُشاهد تحرّكات واضحة للإدارات الموالية للنظام الكيزاني، وهي تحشد وتُجيّش المجتمعات باسم التاريخ، وتدفع بالشباب إلى محرقة الحروب لأجل فتات الامتيازات، بينما إداراتنا تكتفي بالمشاهدة، وكأنّ الأمر لا يعنيها، أو كأنّ أبناءها ليسوا من لحمها ودمها.

“السكوت في موضع الغضب علامة ضعف”، ونحن لا نرى من إداراتنا إلا صمتًا مُرعبًا، وتراخيًا لا يشبه إرث مجتمعاتنا في قول الحق والوقوف مع المظلوم. كانت الحكمة تقول: “الحق ما بزعل، والزعل ما بيأكّل عيش”، لكنهم اختاروا الزعل على مواجهة الظلم، واختاروا الصمت على الوقوف مع الناس.

نداء لا يحتمل التأجيل

نقولها بوضوح، كما قالها أهل الصدق من قبل:

“نحن ضد النظام الحالي، ومتمرّدون إلى أن يُحقّ الله الحق ويُبطل الباطل.”

فيا من تحملون الإرث، إن لم تقولوا الحق الآن، فمتى؟ وإن لم تنحازوا للناس، فلمن تنحازون؟

“ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه.” – صدق الله العظيم.

ليس أمامنا خيار ثالث، فإمّا موقف واضح، وإمّا خيانة للتاريخ والأرض والناس.

“الناس ما بتنضحك عليها تاني، والوعي ما بيرجع ورا.”

هذا ما نؤمن به،
وهذا ما سنمضي فيه،
حتى تنقشع الغمّة،
ويُرفع الظلم،
ويُقال للباطل: انتهِ.

إرسال التعليق

لقد فاتك