رشا عوض تكتب : الكيزان والاباحية السياسية - صوت الوحدة

رشا عوض تكتب : الكيزان والاباحية السياسية


تركيا دولة علمانية، مطبعة مع ازرائيل، عضو في حلف النيتو، قوانينها تساوي بين الرجل والمرأة في الميراث وتمنع تعدد الزوجات .
رجب طيب اردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الاسلامية يحكم تركيا منذ عام ٢٠٠٣ حتى الان ( ٢٢ عاما) لم يغير شيئا في الطبيعة العلمانية للدولة التركية بل دافع عن فكرة علمانية الدولة وعندما فاز محمود مرسي برئاسة مصر ذهب اليه اردوغان ونصحه بالعلمانية وقال ان الشخص يمكن ان يكون اسلاميا ولكن الدولة يجب ان تكون علمانية، وهذا معناه ان اردوغان بشر بالعلمانية خارج حدود بلاده.
راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الاسلاموية في تونس قال في مقابلة تلفزيونية انه مع حقوق المثليين ، وانه لن يغلق البارات ، بل سيقنع المسلمين بعدم الذهاب اليها ، وتعهد بعدم المساس بمكتسبات المرأة التونسية بما فيها منع تعدد الزوجات.
المحبوب عبد السلام قال ان تقدم البشرية لا يقبل عقوبات مثل قطع اليد وان هذا التقدم وصل لاستنكار عقوبة الاعدام نفسها ، باختصار دعا لتجاوز العقوبات الحدية ( مقطع الفيديو في التعليقات)
هل شهدتم اي حملات تكفيرية ضد اردوغان او الغنوشي او المحبوب عبد السلام كالتي نشهدها ضد اي شخص من خارج جماعات الاسلام السياسي نادى بالدولة المدنية وفصل الدين عن الدولة ؟
رغم ان غالبية العلمانيين السودانيين يتهربون من مجرد استخدام مفردة علمانية ويتهربون من طرح اراء جريئة في قضايا المرأة والحدود خوفا من الارهاب الديني ، الا انهم كانوا على الدوام عرضة للتكفير والاغتيال المعنوي باسم الدين ويتم التحريض الغوغائي ضدهم ، وفي ذات الوقت يتم تصوير شخصيات مثل اردوغان والغنوشي كايقونات اسلامية .
ما هو المنطق في ذلك؟
المنطق هو ان اهل الاسلام السياسي يتعاملون مع الاسلام كملكية خاصة لهم، فهم من حقهم ان يفعلوا كل شيء ويقولوا كل شيء وما دام القول او الفعل صادر عن شخص ينتمي لاحد فروع جماعة الاخوان المسلمين فان ذلك الفعل او القول هو الاسلام! فالمرجعية ليست الاسلام بل المرجعية هي الاشخاص الذين سموا انفسهم بالاسلاميين، بمعنى اخر اينما تحققت مصلحة التنظيم الاسلامي كان ذلك هو عين الاسلام!
القوى السياسية المدنية غير الكيزانية عميلة للامبريالية وعميلة لامريكا والغرب ولكن لا احد يتهم اردوغان باي عمالة وهو الذي تنخرط دولته في حلف النيتو( الاداة العسكرية للهيمنة الامريكية والغربية على الكوكب)
كل من طالب بمراجعة قوانين الاحوال الشخصية او النظام العام يناله التنمر والتحقير والتكفير في حين ان ايقونات الاسلام السياسي تطالب بحقوق المثليين وتوافق على فتح البارات والاخ المسلم السوداني المحبوب عبد السلام يتحدث عن تجاوز العقوبات الحدية والاخ المسلم عبد الوهاب الافندي سبق وكتب مقالا عن ضرورة التخلي عن فكرة الدولة الاسلامية.
ان الاسلام السياسي لا يملك اي رؤية متماسكة بشأن الدولة وتنظيم المجتمع بشروط اللحظة التاريخية يستطيع ان يزعم انها كلمة الاسلام النهائية، بل هو ايدولوجيا ترفع شعارات وافكار هلامية فضفاضة تحدث ضجيجا كبيرا ولكنها لا تقول شيئا مفيدا ، اهل الاسلام السياسي يرغبون في اعتلاء منصة ” فوق انسانية” تجعلهم اصحاب امتياز في السلطة والوصاية على الاخرين، امتياز غير قابل للمساءلة النقدية ويستمد مشروعيته من السماء لا من الارض!
ولان المساءلة النقدية ممنوعة يستطيع اهل الاسلام السياسي ان يكونوا الشيء ونقيضه وفي الحالتين هم يمثلون الاسلام! بمعنى ان بمقدورهم ممارسة الاباحية السياسية المتحررة من اي قيد او شرط لمجرد ادعاء انهم اسلاميون!!
السؤال: الى متى تظل الحركة العلمانية مرتجفة وخائفة من التصدي لهؤلاء المنافقين الكذابين لصوص الدين والدنيا؟

إرسال التعليق

لقد فاتك