عزيز الدودو يكتب :الجيش السوداني: جيش بلا مهام.. وحزب بلا مشروع
منذ تأسيسه، كان الجيش السوداني استثناءً غريباً بين جيوش العالم. فبينما تُعرف الجيوش عادةً بالدفاع عن حدود البلاد وحماية أمنها ووحدة أراضيها، اختار هذا الجيش طريقاً آخر: طريق الهروب من مسؤولياته والانقلاب على مهامه. لم يحارب لصون سيادة السودان، ولم يدافع عن مواطنيه حين تعرضوا للخطر، بل أصبح أداة للصراع على السلطة، وكأنه حزب سياسي يرتدي الزي العسكري.
جيش يهرب من الحرب ويخوض في السياسة
المفارقة أن هذا الجيش، الذي يفشل في أبسط واجباته العسكرية، يجد نفسه دائماً في قلب المعارك السياسية. بدلاً من أن يحرس الحدود، انشغل بانقلابات عسكرية أطاحت بحكومات منتخبة وأدخلت البلاد في دوامة من الفوضى. وبدلاً من أن يحمي المدنيين، شكل مليشيات مسلحة لتحارب نيابة عنه، تاركاً الشعب ضحية للصراعات. حتى عندما كان عليه أن يكون رمزاً للوحدة الوطنية، تحول إلى سبب رئيسي للانقسام والدمار.
حاكم بلا كفاءة.. وسياسي بلا رؤية
الأمر الأكثر إحراجاً أن هذا الجيش، حين قرر أن يحكم، لم يقدم أي شيء يذكر. لم ينعش الاقتصاد، ولم يحقق العدل، ولم يقاوم الفساد، بل زاد الطين بلة. لقد فشل كجيش لأنه لم يحمِ البلاد، وفشل كحكومة لأنه لم يبنِ دولة. حتى الأحزاب السياسية التي ينتقدها لسعيها إلى السلطة، كانت على الأقل تملك مشاريع وأفكاراً، بينما لم يقدم العسكر سوى القمع والتراجع.
عبء على الوطن.. لا درع له
الحقيقة المرة هي أن وجود هذا الجيش أصبح عبئاً على السودان. فبدلاً من أن يكون أداة للأمن والاستقرار، تحول إلى مصدر رئيسي للمشاكل. لا يستطيع أن يحارب عدواً خارجياً، ولا أن يفرض سلاماً داخلياً. لا يملك الشجاعة لخوض الحرب، ولا الحكمة لصنع السلام. السؤال الذي يفرض نفسه: ما فائدة جيش لا يحمي، ولا يبني، ولا يوفر الأمان؟
حان الوقت للمحاسبة والتغيير
لا يمكن أن يستمر هذا الوضع إلى الأبد. جيش يهرب من مهامه ويتحول إلى حزب فاشل هو جيش لا يستحق البقاء. السودان يحتاج إلى إعادة بناء مؤسساته العسكرية على أسس جديدة، تكون فيها الأولوية لحماية الشعب وليس للانقضاض على السلطة. لأن البلاد لا تحتاج إلى “حكام عسكريين” فاشلين، بل إلى جيش وطني حقيقي يعرف واجبه ويؤديه باحتراف.
الخلاصة أن الجيش السوداني لم يفشل فقط في أداء مهامه، بل أصبح جزءاً من المشكلة. وإذا كان لا يستطيع أن يكون جيشاً، فيجب حله وتأسيس جيش جديد يتولى مسؤولية تأمين البلاد وحماية العباد.
إرسال التعليق