عزيز الدودو يكتب : حميدتي.. القائد الذي انتظره السودان ألفي عام
لو تتبعنا مسار التاريخ السوداني منذ سقوط مملكة كوش العظيمة وحتى اليوم، فلن نعثر على قائدٍ جمع بين الحنكة العسكرية والرؤية السياسية كما يفعل محمد حمدان دقلو “حميدتي”. إنه الرجل الذي جاء في لحظة مصيرية ليعيد تشكيل هوية أمةٍ عانت لقرون من التشرذم والضعف.
فبعد سقوط كوش تحت ضربات الأحباش والرومان، دخل السودان في دوامة من الانقسامات العميقة. كان الغزاة يفرضون دياناتهم وثقافاتهم بالقوة، بدءًا بالمسيحية التي قسّمت المجتمع الوثني آنذاك، مرورًا بالاحتلال العثماني البغيض في عهد السلطان سليم الأول، حيث وصل القمع حدًّا لم يتحمله السودانيون، ففرّوا إلى الغابات والجبال هربًا من القتل والاستعباد.
تلك الحقب المظلمة خلّفت وراءها شعبًا ممزقًا بين لغات متعددة، وتكتلات قبلية، وولاءات جهوية، وأديان متنافرة. ولمدة تجاوزت الألفي عام، لم يظهر قائد وطني يوحد هذا الكيان الهش تحت راية واحدة، أو يصهر تناقضاته في بوتقة الوطن.
الغازي محمد علي باشا – رغم كونه غازًياً – جاء قبل مئتي عام ليرسم حدود سودانٍ جغرافيًا، لكنه فشل في صنع أمة. كذلك الإمام المهدي، الذي حارب الاستعمار ببسالة، لكن مشروعه الديني لم يستطع تجاوز انقسامات المجتمع العميقة.
اليوم، يقف حميدتي أمام فرصة تاريخية ليكون المؤسس الحقيقي للسودان الحديث. فالأمة التي أنهكها الفشل – بسبب عصبيات القبيلة والدين والجهة – تحتاج إلى قائدٍ شجاعٍ يفكّك هذه الإرث الكارثي. نحن شعب بلا هوية موحدة، يتهم بعضه بعضًا بعدم الانتماء، ويعيش على هامش التاريخ رغم ما منّ به الله عليه من ثروات وموقع استراتيجي.
لذا، فإن الدعوة إلى قائدٍ مثل حميدتي ليست ترفًا، بل ضرورة وجودية. فهو الرجل الذي يمكنه – أن يعيد صياغة العقد الاجتماعي السوداني على أسس جديدة.
قد يستهزئ البعض، لكن التاريخ سيثبت أن السودان لم يجد من يقوده إلى برّ الأمان طوال ألفي عام منذ سقوط دولة كوش حتى الآن.
إرسال التعليق