تأخير تشكيل حكومة تأسيس وتوقف المؤسسات المدنية والخدمية: معاناة تتعمق ومواطنون في مهب الفوضى
يجب الانتباه إلى أن التأخير المستمر في تشكيل الحكومة ليس مجرد أزمة سياسية، بل تحول إلى كارثة اجتماعية تمسّ حياة الملايين من الأطفال والنساء وكبار السن في البلاد، خصوصًا في المناطق المتأثرة بالنزاع، وفي ظل تدهور شامل في الخدمات الأساسية، وانفلات أمني متصاعد، وحرمان أجيال كاملة من حقها في التعليم والحماية.
شلل مؤسسات الدولة وتوقف الخدمات
أدى توقف مؤسسات الدولة المدنية والخدمية إلى انهيار القطاعات الحيوية في البلاد. لم تعد الخدمات الصحية، أو مياه الشرب، أو التعليم، أو الكهرباء متاحة بصورة منتظمة، لا سيما في المناطق الريفية والمهمّشة. غياب الحكومة المعنية بالتأسيس فتح الباب أمام فراغ إداري خطير، جعل حياة المواطن السوداني أكثر هشاشةً وانكشافًا.
المواطن في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع: معاناة مضاعفة
في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، يتضاعف أثر الأزمة، حيث انعدم وجود مؤسسات مدنية فاعلة، وغابت أي سلطة شرعية توفّر الخدمات أو تحمي المواطنين. يعيش السكان تحت تهديد دائم من النزوح والانتهاكات والانهيار الكامل للتعليم والصحة. المرأة والطفل هما الأكثر تضررًا، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء، وانعدام المأوى في كثير من المناطق المتأثرة بالنزاع.
التعليم في خطر: جيل ضائع منذ عامين
من أكبر الكوارث الناتجة عن هذا الوضع هو الانقطاع الكامل للتعليم في كثير من مناطق السودان، خصوصًا في مناطق النزوح والصراع. آلاف المدارس أغلقت أبوابها، والجامعات توقفت عن استقبال الطلاب، مما أدى إلى حرمان مئات الآلاف من الشباب من فرص التعلّم والارتقاء. هذا الفراغ يشكل تهديدًا مباشرًا لأمن البلاد ومستقبلها.
انفلات أمني مريب في نيالا وزالنجي: مؤامرات لنسف الاستقرار
خلال الأشهر الماضية، شهدت مدينتا نيالا وزالنجي حالات انفلات أمني غير مسبوقة، تمثّلت في أعمال نهب واسعة، واعتداءات منظمة، واشتباكات بين جماعات مسلحة. هذه الحوادث لا تبدو عفوية أو ناتجة عن فراغ أمني فقط، بل يُرجّح أن تكون جزءًا من تحركات استخباراتية خبيثة تهدف إلى إثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار المحلي.
توقيت هذه الأحداث وتكرارها، وتزامنها مع أي بادرة استقرار محلي، يشير إلى تورط أطراف تسعى إلى إفشال مساعي التهدئة أو إعادة تنظيم الخدمات المدنية. وقد أصبح المواطن هناك ضحية لصراعات تُدار في الخفاء، ويُستخدم كورقة ضغط في صراع القوى على النفوذ.
بطالة ويأس: مستقبل الشباب في مهب الريح
يعاني الشباب في مختلف أنحاء السودان من البطالة والتهميش وغياب أي أفق للتطوير أو التدريب أو التشغيل. كثيرون اضطروا للهجرة أو الانخراط في أنشطة غير آمنة. وفي ظل هذا الواقع، لم تقدّم الدولة أي حلول حقيقية، بل اكتفت بالمراقبة والصمت، وسط غياب كلي للسلطة التنفيذية.
ضرورة تشكيل حكومة تأسيس الآن
تأخير تشكيل حكومة التأسيس ليس ترفًا سياسيًا، بل تأجيل لمصير وطن بأكمله. المطلوب هو حكومة انتقالية ذات شرعية تعيد مؤسسات الدولة للعمل، وتبدأ فورًا في إنقاذ الخدمات الأساسية، وتحقيق الأمن، وفتح المدارس والجامعات، وتقديم الدعم المباشر للمواطنين، خاصة في مناطق النزوح والانهيار.
ختامًا
يمر السودان اليوم بلحظة فارقة، تتطلب إرادة سياسية جادة وتحملًا للمسؤولية أمام الله، والشعب، والتاريخ. كل يوم تأخير في تشكيل حكومة تأسيس يضاف إلى رصيد المعاناة، ويعمّق أزمة المواطن. إن الخروج من هذا النفق يبدأ بحكومة حقيقية، مدنية، وممثلة للشعب، قادرة على إعادة بناء الوطن من بين الركام
إرسال التعليق