مستقبل أبناء الهامش ليس ورقة تفاوض

في الوقت الذي يتباهى فيه البعض بتنظيم الامتحانات، ويظهر مسؤولو التعليم على القنوات يتحدثون عن “النجاح” و”الاستقرار”، غُيِّب الآلاف من طلاب جنوب كردفان، وغرب كردفان، ودارفور الكبرى عن الجلوس لامتحانات الشهادة السودانية، للعام الثاني توالياً. هذا ليس خللاً فنياً، بل سياسة ممنهجة لضرب العمود الفقري للنهضة في هذه الأقاليم: التعليم.

إن ما يحدث ليس مجرد حرمان مؤقت من الجلوس للامتحانات، بل هو إقصاء استراتيجي من المستقبل. ستأتي لحظة تشكيل الدولة الجديدة، وسيتسابق الناس على “التمكين بالكفاءة”، فبأي ذنب يُحرم أبناء تلك الولايات؟ وهل من لم يجلس للامتحان مرتين يمكنه أن ينافس من درس بهدوء في ولايات “الامتياز الدائم” أو من أكمل دراسته في الخارج؟

إلى متى تمر هذه السياسات دون محاسبة؟
وإلى متى يُنظر إلى أطفالنا كشظايا حرب لا كبُناة مستقبل؟
هذه ليست أزمة امتحانات فقط، بل معركة وجود وعدالة اجتماعية.

نُوجِّه هذه الرسالة إلى:
• أبناء ولايات الهامش الموجودين في الحكومة، أو في المليشيات، أو في المكونات السياسية والعسكرية:
إن لم تتحركوا الآن، فأنتم شركاء في الجريمة بالصمت والتواطؤ.
• الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني:
إن مسؤوليتكم التاريخية أن توقفوا هذا النزيف المعرفي، وتضغطوا لتمكين أبناء المناطق المنكوبة من حقوقهم.

ما يجري الآن أعظم وأبقى من أي صراع سياسي عابر.
إنه تأسيس لطبقية تعليمية تُرسّخ التهميش وتُعيد إنتاج الدولة الاستعمارية بوجوه جديدة.

فليكن صوتنا واحداً:
لا مستقبل للسودان بدون عدالة تعليمية.
ولا سلام دون مدارس.
ولا كفاءة دون إنصاف.

إرسال التعليق

لقد فاتك