لماذا تخشى سلطة الإنقلاب في بورتسودان إعلان حكومة تأسيس ؟
لماذا تخشى سلطة الانقلاب في بورتسودان من إعلان حكومة “تأسيس”…؟
تتزايد مخاوف قادة الانقلاب في بورتسودان مع اقتراب الإعلان عن تشكيل حكومة تحالف السودان التأسيسي، وهو ما يعكس خشيتهم من فقدان هيمنتهم على المشهد السياسي. فبدلاً من مناقشة المشروع الوطني الجديد بموضوعية، يلجأ البرهان وإعلامه الموالي إلى بثّ الشكوك حول فرص نجاح هذه الحكومة، في محاولة يائسة لتقويض شرعيتها قبل أن تبصر النور.
الحقيقة أن سلطة بورتسودان تعيش في فراغ دستوري وسياسي، إذ لا تمتلك أي شرعية سوى قبضة القوة العسكرية. ولذلك، ليس غريباً أن نرى محاولاتها تصوير الحكومة الجديدة على أنها “حكومة إقليمية” أو “حكومة غرب السودان”، كما فعلت بعض الأصوات الموالية لها، مثل الصحفية المصرية أماني الطويل. لكن هذا الطرح يتجاهل سؤالاً جوهرياً: هل تمتلك سلطة الانقلاب نفسها شرعية دولية حتى تقلق من عدم اعتراف العالم بالحكومة الجديدة؟
الوضع السوداني لا يشبه النموذج الليبي، رغم محاولات البعض إقحام هذه المقارنة. فليبيا، رغم وجود حكومتين متنافستين، ظلت موحدة في الوعي الشعبي، ولم يتحول الصراع فيها إلى انفصال فعلي. كما أن حكومة تحالف “نيروبي” لن تكون نسخة من حكومة شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، الذي استمد شرعيته من السيطرة العسكرية لا من الاعتراف الدولي. فحفتر، رغم عدم اعتراف المجتمع الدولي الكامل به، حظي بدعم إقليمي مكّنه من السيطرة على مساحات شاسعة، بينما جاء الانقسام الليبي نتيجة انقلابه على اتفاق الصخيرات وإعلانه الحرب على الحكومة المعترف بها دولياً.
أما في السودان، فالحكومة الجديدة لن تكون مجرد سلطة موازية عديمة الشرعية، بل من المتوقع أن تحظى باعتراف دولي واسع، خاصة في ظل عجز سلطة الانقلاب عن تقديم أي مكاسب سياسية أو اقتصادية. فالمجتمع الدولي، وإن تعامل مع الطرفين بحذر في البداية، سيميل إلى دعم الحكومة الأكثر تمثيلاً للإرادة الشعبية والأقدر على تحقيق الاستقرار. وهذا ما يهدد شرعية الانقلابيين، الذين يعلمون أن اعترافاً دولياً بحكومة “تأسيس” سيفتح الباب أمام عزلهم سياسياً واقتصادياً.
خلماذا تاماً، فإن تخوف سلطة بورتسودان من الحكومة الجديدة ليس سوى دليل على وهن مشروعهم، فهم يدركون أن شرعيتهم الوحيدة مستمدة من البندقية، وأن أي حكومة تحظى بقبول شعبي ودولي ستكشف عجزهم وعزلتهم. ولذلك، بدلاً من بث الذعر من التقسيم أو الفوضى، عليهم أن يدركوا أن الخيار الوحيد لضمان وحدة السودان واستقراره هو العودة إلى الشرعية الدستورية والانصياع لإرادة الشعب، لا الانقلاب عليها
إرسال التعليق