الإسلاميون و حصان طروادة

تطفو على السطح تساؤلاتٌ كثيرة حول الدوافع الحقيقية لحرب ١٥ إبريل، في ظل هذا الصراع المحتدم، تتباين التصريحات، بعضها تكشف النقاب عن جوهر الأزمة.

قبل فترة، صرّح عبد الحي يوسف في لحظة صفاء فارقة، بأن هذه الحرب ليست حرب كرامة، ولا دفاعًا عن الوطن أو المواطن، بل هي معركة مُفتعلة لإستعادة بريق الحركة الإسلامية وهيبتها.
مثل هذا الاعتراف الصريح يُسقط كل الأقنعة، ويكشف الأجندة الخفية لمن أشعلوا الحرب ومزقوا البلاد، مُستخدمين الدماء والأرواح كوقودٍ لمشروعهم السياسي.

لا يُفهم هذا المشروع إلا في سياق تاريخهم الطويل مع الاستبداد. فخلال ثلاثة عقود من إنقلاب “الإنقاذ” المشؤوم، مزقوا البلاد، وأهدروا ثرواتها، وتلاعبوا بحدودها، بل وتنازلوا عن أراضيها وسيادتها في صفقاتٍ مشبوهةٍ فقط ليبقوا في كراسي الحكم.
فكيف يُصدق أحدٌ اليوم أنهم يحملون هموم الوطن؟

إن من يعتقد أن الإسلاميين يؤمنون بجغرافية الأوطان أو يقدسون سيادتها واهمٌ تمامًا.
والأوهام الأشد غباءً هي تلك التي ترى في جماعة الإخوان المسلمين كفئة مدافعة عن الجيوش الوطنية، فالحقيقة أنهم ألدّ أعدائها.
يكفي النظر إلى ما فعلوه بالجيش السوداني، الذي أضعفوه عمدًا خلال سنوات حكمهم، ليصبح أداةً طيعةً في خدمة مشروعهم، لا درعًا لحماية الشعب.

وفي لحظة نادرة من الصدق، كشف عبد الحي يوسف النقاب عن إحدى أدواتهم التضليلية، حين وصف “المقاومة الشعبية” بأنها إسم الدلع للجهاد الإسلامي.

لكن الأخطر من ذلك كان اعترافه بأن الإسلاميين متغلغلون حتى في مكتب البرهان نفسه، ما يؤكد أن الأخير عاجزٌ عن مواجهتهم، بل ربما يكون جزءًا من لعبتهم.

فهل “البرهان” – الذي انقلب على الشرعية وأسلم البلاد للفوضى – إلا حصان “طروادة” جديدًا يُعيد إنتاج نفس السيناريو؟ أيُعقل أن يكون القائد العام للجيش مجرد واجهةٍ لمشروع الحركة الإسلامية ، بينما تُدار المعركة الحقيقية في الخفاء؟

إن تحويل الجيوش إلى أدواتٍ لخدمة الأجندات الأيدلوجية والحزبية جريمةٌ لا تُغتفر.

فكم من الدماء يجب أن تُسفك، وكم من الموارد يجب أن تُنهب، قبل أن يفيق الجميع على حقيقة أن هذه الحرب ليست سوى معركة وهمية لترميم أمجاد الحركة الإسلامية التي تبحث عن بقائها، حتى لو كان الثمن دمار الوطن بأكمله؟

متى سنُدرك أن هذه اللعبة القذرة لا تُنتج إلا الخراب والدمار، وأن “الكرامة” الحقيقية لا تتحقق إلا بإنتزاع الوطن من قبضة هؤلاء الدواعش المتأسلمين؟

إرسال التعليق