عبد الحفيظ الإمام قسوم : كيف خسر الإسلاميون في معركة اللجنة الرباعية؟ - صوت الوحدة

عبد الحفيظ الإمام قسوم : كيف خسر الإسلاميون في معركة اللجنة الرباعية؟

في المشهد السوداني المضطرب، تتسابق القوى الإقليمية والدولية لترتيب أولوياتها عبر اللجنة الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. كان من المفترض أن يلتئم اجتماعها في 29 يوليو الماضي، لكنه فشل بسبب إصرار القاهرة على إشراك ممثل حكومة بورتسودان. ذلك الفشل لم يكن مجرد تعثر إجرائي، بل أظهر موازين القوى الحقيقية وحدود تأثير الإسلاميين في المشهد.

أولويات متباينةومخرجات موحّدة

عقب التعثر، قادت الإدارة الأمريكية سلسلة اجتماعات ثنائية مع الأطراف الفاعلة، ونجحت في صياغة بيان مشترك يعكس مصالح كل طرف:

مصر: التشبث بوحدة السودان ورفض أي مسارات تهددها.

السعودية: تركيز على أمن البحر الأحمر باعتباره شريانًا استراتيجيًا لا يمكن التفريط فيه.

الإمارات: وضعت أولوية للتخلص من الجماعات الإرهابية التي لطالما شكلت تهديدًا للأمن الإقليمي.

الولايات المتحدة: تمسكت بالانتقال المدني الديمقراطي كخيار لا رجعة عنه.

هذا التوافق بين القوى الأربع أنتج موقفًا جديدًا محكمًا، لم يترك مساحة كبيرة للمناورة التي اعتاد عليها الإسلاميون تاريخيًا عبر اللعب على التناقضات الإقليمية.

أين خسر الإسلاميون؟

جوهر الخسارة بالنسبة للإسلاميين يكمن في أمرين:

  1. سقوط خطاب المظلومية: إذ لم يعد المجتمع الدولي يلتفت إلى محاولات تصوير الإسلاميين كقوة سياسية مضطهدة أو مهمشة، بل أصبح يُنظر إليهم كجزء من معادلة الفوضى وعدم الاستقرار.
  2. توحيد الرؤية الدولية ضدهم: فكل دولة من دول الرباعية رغم اختلاف أولوياتها، وجدت في تحجيم التيار الإسلامي مصلحة مشتركة. مصر ترى فيه تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، الإمارات تعتبره عنوانًا للإرهاب، السعودية لا تريده لاعبًا في سواحل البحر الأحمر، أما واشنطن فترى فيه العقبة الأساسية أمام الانتقال الديمقراطي.

الجيش والخيارات الدولية

إذا واصل الجيش تعنته ورفضه الذهاب إلى طاولة التفاوض فإن المجتمع الدولي قد يدفع باتجاه تدخل تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ما يعني تدويل الأزمة بصورة أكبر. وفي هذا السياق، يظل تصنيف الإسلاميين كجماعة إرهابية مطروحًا بقوة على أجندة دول الرباعية باعتباره خطوة طبيعية تتماشى مع أولويات كل دولة تجاه استقرار السودان والإقليم.

أديس أبابا اختبار جديد في توحيد الكتل السياسية:

في السادس من أكتوبر المقبل ستنطلق اجتماعات لتوحيد الرؤية السياسية في أديس أبابا. هذه الاجتماعات تمثل جولة جديدة من الصراع السياسي، لكنها تأتي في ظرف أصبح فيه الإسلاميون معزولين من الإقليم، فاقدين لحلفائهم التقليديين، وعاجزين عن صياغة خطاب سياسي يواكب اللحظة.

خلاصة:

لم يخسر الإسلاميون معركة اللجنة الرباعية بالصدفة، بل خسروا لأنهم تحولوا إلى قاسم مشترك مرفوض بين القوى الدولية والإقليمية. لقد أصبحت مصالح الرباعية، رغم تباينها، تلتقي عند نقطة واحدة: إبعاد الإسلاميين عن مستقبل السودان، ولو تطلب الأمر فرض حلول دولية تحت البند السابع.

إرسال التعليق

لقد فاتك