علي جاد الله : التدخلات الإريترية في شرق السودان وعواقبها على المنطقة - صوت الوحدة

علي جاد الله : التدخلات الإريترية في شرق السودان وعواقبها على المنطقة

قامت إريتريا بتدريب عدد من الحركات المسلحة في شرق السودان، أبرزها حركة بقيادة عثمان دنيا، وحركة بيتاي، والجبهة الشعبية بقيادة الأمين داؤود وآخرين، بالإضافة إلى حركة مناوي وجبريل، وأخيرًا المليشيات التي حشد لها الجاكومي. يهدف الرئيس الإريتري، إسياس أفورقي، من خلال هذه العمليات التدريبية وتشكيل المليشيات إلى ضمان وجود قوى مسلحة موالية له في شرق السودان، خاصة في ظل التداخل العرقي الكبير بين إريتريا وولايتي كسلا والبحر الأحمر، والذي يشكل تهديدًا لمستقبله السياسي.
تتسم هذه الحركات في تركيبتها بالطابع القبلي، وتخفي في داخلها محركات للصراع بينها، أبرزها النزاع حول الأراضي (الحواكير) وعدم الاعتراف بوطنية الآخرين. كما أنها مستعدة للقتال ضد مجموعات عرقية أخرى مثل النوبا والهوسا والشماليين، نتيجة الخلافات والنزاعات التي حدثت خلال الأعوام الماضية، حيث تعتبر هذه المجموعات وافدة. مؤخرًا، امتد هذا العداء ليشمل حركات دارفور التي هيمنت على مؤسسات بورتسودان، بعد مشاركتها إلى جانب جيش برهان في الحرب.

من المرجح أن يستخدم أفورقي هذه الحركات ضد جبهة تحرير تيغراي، التي تربطه بها عداوة طويلة الأمد، سواء في حرب مثلث بادمي (1998-2000) أو من خلال مشاركته في حرب آبي أحمد ضد جبهة تحرير تيغراي في عام 2021. كما يشعر أفورقي بتهديد كبير من إثيوبيا، التي عمل على حرمانها من الوصول إلى البحر عبر موانئ إريتريا أو الصومال. وقبل عامين، هدد بقطع علاقاته مع الصومال إذا سمحت لإثيوبيا بالوصول إلى البحر. ونتيجة لذلك، يرى أفورقي ضرورة حشد حلفاء استعدادًا لخوض حرب محتملة، في وقت يعاني فيه من فقدان الشباب بسبب الهجرة الناتجة عن التجنيد الإجباري مدى الحياة، والفقر، وانعدام الحريات.
تسعى إريتريا من خلال استقطاب زعماء القبائل في شرق السودان إلى ضم أراضي الإقليم، خاصة الأراضي الزراعية على امتداد نهر القاش وسواحل البحر الأحمر. كما أن تقاربها الأخير مع مصر يشكل ضغطًا إضافيًا على مجتمع شرق السودان للسيطرة على أراضيه، بعد أن هيمنت على قواه السياسية والاجتماعية.
يستغل أفورقي ضعف إرادة القوى السياسية في شرق السودان، من خلال إقامة اتفاقات وتفاهمات مع الجيش السوداني، الذي تهيمن عليه قوى مستفيدة من التعدين والسلطة في الإقليم وأراضيه الزراعية. وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف، يسعى برهان وأفورقي إلى تجييش المجتمع عبر حركات تقاتل بالوكالة عنهما، بعيدًا عن احترام الحقوق التاريخية لشرق السودان.
أخيرًا، هناك قوى سياسية في شرق السودان تدرك مخططات أفورقي، ولها حلفاء في القرن الأفريقي، خاصة إثيوبيا. إن تجنيد مليشيات تيغراي وتسليحها ينذر بعودة الحرب إلى إقليم تيغراي، وهذه المرة قد يكون التحالف أكبر بدعم مصري وجيش برهان وإريتريا وحركات شرق السودان وتيغراي. وبالتالي، يشكل هذا الوضع خطرًا كبيرًا على إثيوبيا والقرن الأفريقي بشكل عام.

إرسال التعليق

لقد فاتك