عزيز الدودو : رؤية لبناء السودان الجديد
الهدم ضرورة لبناء المستقبل
لم يعد خافياً أن السودان ظل لسبعة عقودٍ عالقاً في فخ مؤسسات قديمة وواهية، كرست الفشل وأعادت إنتاج الأزمات. هذه المؤسسات، التي نشأت مع “دولة-56″، لم تكن سوى أدوات للتمييز والفساد، بدلاً من أن تكون خادمة للتنمية والعدالة. إنها مؤسسات معطوبة من جذورها، من الجيش إلى الجهاز الإداري، وقد تحولت من أدوات للخدمة إلى آليات للقمع.
لماذا الهدم ضرورة وليس تخريباً؟
الهدم هنا ليس عملاً تدميرياً، بل هو فعل تحرري. فالمؤسسات القديمة أثبتت فشلها في تحقيق أبسط مستويات العدالة الاجتماعية. لقد استبدلت الانتماء للوطن بالولاءات الضيقة للضباط والمستفيدين، وحولت المواطن إلى مجرد رقم في معادلة البقاء. حتى التضحيات الهائلة التي قدمها السودانيون في ثوراتهم لم تنجح في إصلاح هذه المنظومة الفاسدة، بل انتهى بها المطاف إلى إعادة تدويرها بأسماء جديدة.
كيف نبني السودان الجديد؟
إن إصلاح ما فسد جذرياً يكاد يكون مستحيلاً. لذلك، يتطلب بناء السودان الجديد نهجاً مختلفاً، يعتمد على أسس جديدة وثورية. هذا ما تسعى إليه وثيقة تحالف السودان التأسيسي “تأسيس”، التي ترسم ملامح دولة المواطنة والعدالة.
- إعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية:
يجب أن يكون الجيش والأجهزة الأمنية جيشاً مهنياً، بعيداً عن الولاءات السياسية أو العرقية. يجب أن يكون جيشاً للشعب، يدافع عن الوطن والمواطن، لا أن يكون أداةً بيد نظام أو جماعة.
- تحقيق العدالة المجتمعية:
لا يمكن أن تقوم دولة المواطنة دون إلغاء كافة أشكال التمييز، سواء كان عرقياً أو دينياً أو جهوياً. يجب أن نضمن تكافؤ الفرص للجميع في الثروة والسلطة، وأن يشعر كل مواطن أنه جزء لا يتجزأ من هذا الوطن.
- صياغة دستور ثوري:
نحتاج إلى دستور جديد ينهي هيمنة العسكر على الحياة السياسية، ويؤسس لفصل حقيقي بين السلطات، ويضمن الحريات الأساسية للجميع. يجب أن يتضمن هذا الدستور آليات رقابية فعالة تمنع عودة الفساد أو الاستبداد.
- تحرير الاقتصاد:
لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة دون كسر احتكار النخب للثروة. يجب إعادة توزيع الموارد بشكل عادل لخدمة القطاعات الأساسية مثل التعليم، والصحة، والبنية التحتية، لضمان أن يستفيد من خيرات الوطن جميع السودانيين.
إن بناء السودان الجديد ليس مهمة سهلة، لكنه ليس مستحيلاً. إنه مشروع يتطلب إرادة قوية وشجاعة في هدم القديم، وإيمانًا راسخًا بقدرتنا على بناء مستقبل أفضل.
إرسال التعليق