بشرى عبد الرحمن : ورطة الرواية الدينية (٣) – الحالة السودانية (الفلول)
مرحلة التدليس والتوريط مع تصدير الإسلام السياسي الراديكالي
في هذا المقال، سنناقش النموذج السوداني الخاص وكيفية عمل الدعاية الإسلامية ما قبل الاستقلال وحتى يومنا هذا في إيهام المجتمعات بأن ما يقوله الحاكم هو صوت الله. هذا المشروع تطوّر مع مراحل حكم السودان المركزي، وأصبح أكثر تعقيدًا مع وصول ما عُرف بالحركة الإسلامية للحكم عبر طريق انقلاب 1989م.
الحركة الإسلامية في السودان، المعروفة بتنظيم الإخوان المسلمين فرع السودان، تأسست في العام 1955. هذا التنظيم يُعتبر ابنًا لتنظيمٍ عالمي اتّخذ من اجتهادات نصية مختلّة في بناء شرعية الحكم الديني على العنف والإرهاب لخضوع الآخر. هذا النظام تمكّن من مفاصل الدولة، نتاج تواطؤ نخبوي مركزي.
تعتمد الحركة الإسلامية في السودان على منهج الانتهازية الدينية التي تعمل على تطويع النصوص وفق المصلحة الخاصة، مع اللعب على التناقض الاجتماعي. مثال على ذلك حديث عرّاب الفكر الإسلامي في السودان، الذي كيّف النص الديني في حرب الجنوب على أنه ضد الدين والعقيدة، وحين اختلف مع بعضهم كمجموعات جهادية، برز إلينا وأنكر هذا التشريع الذي بسببه مات ملايين الناس.
نموذج الإخوان المسلمين في السودان عمل على تخريب الواقع السوداني بدعوى المشروع الحضاري، وفي سبيل ذلك أنشأ مجموعة من الحروب الداخلية التي أضعفت البنية الاجتماعية، وآخرها حرب 15 أبريل. مفهوم العنف مبني داخل هذا التنظيم وفق نصوص تم تأويلها لتلبية احتياجهم إلى تبني العنف كوسيلة في حل القضايا الخلافية وتسميم الواقع السياسي بالصراعات عبر خلق مليشيات مسلحة.
وهنا، نجد أن ورطة الرواية الدينية في السودان تتطلب تفكيكًا شاملًا للشبكات الاجتماعية والسياسية التي بناها الإسلام السياسي الراديكالي. يجب على السودانيين العمل على بناء وطنٍ يسع الجميع بلا انحيازات لفئة، وطنٍ يعكس جوهر التنوع العرقي والعقدي
إرسال التعليق