بابــكر القاسم يكتب : ملتقى تقييم تجربة الإدارات المدنية جواز العبور للحكومة الجديدة - صوت الوحدة

بابــكر القاسم يكتب : ملتقى تقييم تجربة الإدارات المدنية جواز العبور للحكومة الجديدة

ما لم يجد الإنسان نفسه في ضيق وعبء وتكاليف وضغوطات وأزمات متراكمة ومستمرة تشكل ذروة التحدي في إيصال رسالة الإنسانية لإثبات الجدارة، لم يكن هو الشخص القائد الملهم الذي يحرك الساكن ويجوب الأماكن، أو كما قال الشاعر للذي لم يكن بالمعيار المطلوب:
“وما أنت الحكم التُرضى حكومته
ولا الأصيل ولا بذي الرأي والجدلِ”.

والحديث هنا عن تجربة الإدارات المدنية التي تشكلت في شهر يوليو من العام الماضي، وهذه الفكرة المتفردة جاءت من رئيس المجلس الاستشاري للفريق أول محمد حمدان دقلو، رئيس المجلس الأعلى للإدارات المدنية، الدكتور حذيفة أبو نوبة.

من حيث التنظير والرؤية والتخطيط، فهي من صلب ذاك الرجل، وتنفيذاً من رجاله في المجلس الاستشاري، ومن حيث التطبيق وبلورتها لواقع عملي، فتلك خطوة من شباب جعلوا من المستحيل والطموح واقعاً حياً يمشي بين الناس. وأعني بذلك الذين ما هانوا ولم تُلهِهم تجارة ولا بيع في سوق السياسة والنخاسة مقابل دراهم أو مناصب يعرضها العدو؛ رجال الإدارات المدنية في:
• ولاية وسط دارفور: المهندس عبدالكريم يوسف عثمان
• جنوب دارفور: الأستاذ يوسف إدريس يوسف
• غرب دارفور: الأستاذ التيجاني الطاهر كرشوم
• شرق دارفور: الأستاذ محمد إدريس خاطر
• غرب كردفان: البطل يوسف عوض الله عليان

هؤلاء هم المؤسسون والناهضون والمطبقون للنموذج الفعلي لنواة التأسيس في حكومة الوحدة والسلام التي هلّت بشائرها على الآفاق الرحبة، وذلك بشهادة الدكتور حذيفة أبو نوبة نفسه، في الملتقى الأول لتقييم تجربة الإدارات المدنية والذي انعقد بمدينة الجنينة، حاضرة ولاية غرب دارفور، الأيام الماضية، تحت شعار:
“من التقييم إلى التأسيس”.

هؤلاء جميعهم، بمشاركة رؤساء مجالس التأسيس المدني بتلك الولايات، عرضوا ما لديهم من عمل واقعي، وخطط تضم مشروعات وبرامج، تمثل الأهداف الأساسية لفكرة الإدارة المدنية، وهي: إدارة الشأن العام، توفير الأمن، وتقديم الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين كالصحة، والتعليم، المياه، وتدفق وانسياب العمل الإنساني للمتضررين والمتأثرين بالحرب في مناطق السيطرة.

وكان رئيس الإدارة المدنية لولاية وسط دارفور، المهندس عبدالكريم يوسف عثمان، قد استعرض خلال الملتقى تجربة إدارته، فيما توفّق فيه وما لم يتوفّق فيه، في الملفات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والإنسانية. خضع ذلك لنقاش وتداول وجرح وتعديل ونقد موضوعي، باعتبار أن ذلك تطبيق لنظرية سياسية ذات بعد فلسفي وجهد بشري في زمن الأزمات والتحدي، نال الرضا والاستحسان من الحاضرين، وكذلك بقية رفاقه في الإدارات المدنية الأخرى.

ومن المتوقع، وبناءً على الشعار “من التقييم إلى التأسيس”، أن يعبر هؤلاء الكبار إلى المرحلة الجديدة: مرحلة حكومة الوحدة والسلام التي أُعلن عنها الأيام الماضية، إن لم يكن كلهم فجلّهم!

ومن كتب لنفسه وعن شعبه سطوراً في محضر الثورة وتجاوز التحديات الماثلة، جدير بأن يبقى ليُكمل ما تبقى، لعل الزمان والحظ يحالفه، ويَدرّ الضرع ويخضر الزرع في عهد تلك الحكومة المرجوة.

الصبر والثبات وإدارة الأزمة في زمن التحدي – “الحرب”: حرب مع العدو، وحرب مع النفس، وحرب مع من يعترض المسار التأسيسي بقصد أو بغير قصد.

ومن أبرز ما خرج به ذلكم الملتقى الذي استضافته حسناء دارفور مدينة الجنينة:
• تأييد ودعم حكومة الوحدة والسلام
• الاستمرار في النضال لتحقيق كل مطالب الشعب المظلوم
• التأكيد أن هذا المسار يقوي ولا يضعف
• أن الحكومة الجديدة سيكون ديدنها العدل والسلام والمضي قدماً للدفاع عن قضايا الشعب، بدلاً من التقهقر للوراء والوقوف عند محطة السودان القديم الذي تحطم

لا سلام بلا عدالة، ولا وحدة بلا اعتراف، ولا أمن بلا استقرار سياسي.
ودعم الحكومة الجديدة مرتبط بالعهد مع الشهداء والضحايا، وعدم المساواة بين الجلاد والضحية، وتبني خيارات المصالحة القائمة على الحقيقة والاعتراف ورد المظالم والمحاكمات العادلة للعصابات الإرهابية التي أشعلت الحرب لفترات طويلة.

ويجب أن تنتهي هذه الجرائم بالتقادم، من أجل وطن يسع الجميع، والتي تبلورت في مجملها بتشكيل تحالف عريض يمثل هذا الشعب، والذي تم اختيار الفريق أول محمد حمدان دقلو رئيساً له، والقائد عبدالعزيز الحلو نائباً له، من أجل تأسيس وطن يتقدم بالحرية والعدالة والديمقراطية، والسير معاً في طريق السلام بخطى ثابتة.

وأن هذه الحكومة لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة لإرادة شعبية ناضجة، ومحصلة طبيعية لنضال طويل.

ولا شك أن من ثبت ووقف في المكان الخطر، والزمن الصعب، والظروف الملتهبة، جدير بأن يبقى في زمن السلم والسلام والرفاه والأمان

إرسال التعليق

لقد فاتك