عبد الحفيظ الإمام يكتب : الغياب الدبلوماسي لتحالف السودان التأسيسي: ثغرة استراتيجية تسبق إعلان الحكومة المرتقبة
المقدمة:
في ظل الترقب الواسع داخل السودان وخارجه لإعلان حكومة السلام بواسطة تحالف السودان التأسيسي، يبرز غياب واضح في التحركات الدبلوماسية الخارجية لهذا التحالف، مما يثير القلق حول موضع الدبلوماسية والاوليات في رؤية التحالف بين الملفات السياسية المتعددة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية المحيطة بالأزمة السودانية. فرغم التقدم السياسي الذي تحقق بتوقيع الدستور الانتقالي في 4 مارس، ثم إعلان الهيئة القيادية في 1 يوليو، إلا أن التحرك نحو الفاعلين الدوليين ظل محدودًا ومتأخرًا مقارنة بحجم التحديات المتوقعة، خاصة في ظل البيانات الرافضة المسبقة التي أصدرتها جهات فاعلة دوليًا تجاه أي خطوات أحادية الجانب.
منذ توقيع وثيقة الدستور الانتقالي في الرابع من مارس، مرورًا بلقاء وفد التحالف بقيادة الدكتور الهادي إدريس مع مبعوث الإيقاد في 30 مارس، وحتى إعلان الهيئة القيادية للتحالف في يوليو، كان يُفترض أن تتبع هذه الخطوات السياسية تحركات دبلوماسية موازية، تمهّد الطريق أمام إعلان الحكومة، وتُهيّئ الأجواء الإقليمية والدولية لتفهّم رؤية التحالف.
لكن الملاحظ أن التحالف لم يتحرك بعد نحو المنظمات والدول ذات التأثير المباشر على الملف السوداني، وفي مقدمتها الاتحاد الأفريقي، الاتحاد الأوروبي، جامعة الدول العربية، والفاعلين الإقليميين مثل السعودية، مصر، ودول الجوار. إنّ هذا الغياب يُعدّ خللاً استراتيجيًا، خصوصًا وأن تلك الجهات سبق وأعلنت تحفظها أو رفضها لأية ترتيبات سياسية قادمة، وهذا يجعلنا نعزز أهمية أن تتقدم الدبلوماسية على اعلان الحكومة ، أو على الأقل توازيه.
اللقاءات الدبلوماسية ليست ترفًا في هذا السياق، بل ضرورة قصوى تهدف إلى توضيح رؤية التحالف لمستقبل السودان، خاصة فيما يخصّ ملفات السلام، وإعادة الإعمار، وعلاقات السودان الخارجية، ومصير العملية السياسية. ويكفي أن لا تخرج تلك الجهات ببيانات رافضة للحكومة المرتقبة، إذا لم تكن قادرة على إصدار بيانات ترحيب.
من جهة أخرى، فإن المبادرة الرباعية المعنية بملف السودان والتي ستجتمع في نهاية هذا الشهر، تمثل فرصة كان على التحالف استثمارها لتقديم رؤيته بشأن وقف الحرب، وتحقيق السلام، وإعادة بناء الدولة. هذه فرصة لمخاطبة المجتمع الدولي من موقع الفاعل لا المتلقي.
الأزمة السودانية تمر بمرحلة معقدة، وتحالف التأسيس مطالب بتسريع حركته داخليًا وخارجيًا بما يتناسب مع طبيعة الظروف الميدانية والسياسية. فالداخل يئن من أهوال الحرب والتدهور الإنساني، والخارج مترقب ومتحفظ في آن واحد، ولا سبيل لكسر هذا الجمود سوى بتحرك دبلوماسي ذكي، متدرج، واستباقي.
الخاتمة:
إنّ غياب التحركات الدبلوماسية لتحالف السودان التأسيسي قبيل إعلان الحكومة يشكل ثغرة استراتيجية ينبغي تداركها فورًا، ليس فقط لتأمين قبول خارجي، بل لقطع الطريق أمام محاولات العزل والرفض المسبق. فالحرب لا تنتظر، والمجتمع الدولي لا يرحم التردد، ومصلحة الشعب السوداني تقتضي أن يتحرك التحالف بخطى واثقة نحو الداخل والخارج معًا، برؤية متكاملة تعيد السودان إلى مسار الاستقرار والانفتاح على العالم.
إرسال التعليق