صدام عبد الجبار جمعة : تطور الأدب الشعبي السوداني.
الأدب الشعبي السوداني هو تراث شفوي يعكس قيم وتقاليد وعادات المجتمع. غالبًا ما يستمد أصالة إنتاجه من تاريخ قومه، فالتراث الشعبي هو الأصل للاتجاهات الأدبية المعاصرة والظواهر الاجتماعية التي تؤثر في سلوك الفرد.
أدبنا السوداني بدأ أول ما بدأ بالأساطير والأمثال والحكم الشعبية، ثم تطور إلى الأدب الكلاسيكي، ثم الرومانسي والواقعي. بدأتُ ألقي الضوء على أدبنا؛ لأن الكاتب لا يلتفت إلى دراسة التراث، وذلك لأن الأدب الشعبي يقوم على تلقين العامة في المقاهي وليالي السمر، والعجائز في القرى والمدن. وينظر إليه نظرة استهجان؛ لأنه يلتصق بحياة العامة، فهو مشوب بالخيال والخرافات والأوهام.
في الواقع، دراسته في هذا العصر بالذات ارتبطت بظواهر اجتماعية حتمية ربما لم توجد في الماضي، حيث أصبحت دراسة الشعب لازمة. فنحن نمجد تراثنا الشعبي لأنه يدعم قوميتنا السودانية ويعمل على حل المشاكل اللغوية وتخليد المقاييس الجمالية والخلقية الأصيلة، ويُمكِّننا من كشف العناصر المشتركة في حياة الأمة كالّلغة والدين والعادات والتقاليد.
مكونات الأدب الشعبي السوداني
يشمل الأدب الشعبي السوداني مجموعة متنوعة من الأشكال الفنية، مثل الأغاني الشعبية، الأمثال، الحكايات، الأهازيج، القصص، الأشعار، والرقصات الشعبية. تتنوع الأغاني الشعبية بين الأغاني الحماسية، وأغاني الأعراس، وغيرها.
الأمثال
تعبر الأمثال عن خلاصة تجارب وخبرات الأجيال، وتتناول مواضيع مختلفة مثل العمل، والعلاقات الاجتماعية، والأخلاق.
الأمثال
ومن ذلك:
“طيرة في اليد ولا عشرة في الشجرة”: وتعني أن القليل الموجود خير من الكثير الذي قد لا تحصل عليه.
“الزاد كان ما كفى البيت حرام على الجيران”: وتعني أن الأولوية للاهتمام بأهل البيت أو الأقارب قبل الآخرين.
الأسطورة والخرافة
في مجال الأسطورة والخرافة، توجد مادة دسمة في مخيلة الأدب الشعبي، مثل شخصية البعاتي. وهو كائن أسطوري متخصص في أكل لحوم البشر، بحسب الأسطورة السودانية التي ظلت وإلى الآن حاضرة في القصص، وغالبًا ما تُحكى لإخافة الأطفال.
الشعر الشعبي
تطوره أصبح واضحًا بالانفتاح وسهولة التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فتمكن من نشر وانتشار الشعر الشعبي عبر وسائط الصوت والصورة، لأن غالبية هذا النوع من الشعر هي لونية سماعية، فساهمت في نقل الصوت وتوسيع المجال لأدبنا الشعبي، فأصبحت في متناول الشعب.
ويشمل أنواعًا مثل الدوبيت والمسادير والقصص الشعرية وغيرها.
ونأخذ أمثلة على ذلك:
سحر الصادق حاج يقول:
“أنا سوداني
ولما تشوفني في الميدان
تحس بالنشوة والإمتاع
درست شرف الصمود وعزيمة
أنا الصديت مدافع الشر
وكنت هجوم وكنت دفاع
أنا الدافعتا عن وطني”
ويقول آخر:
“يا وطني ذنبك شنو
تشقي وتشيل انت المحن
ذنب المواطن كان شنو
يدفع دموع العين تمن
جار الزمن في سنتين
كنا في السودان وضحاها
وهسي كنا لاجئين
والقاسية من غدر الزمن
والفرقة لو طالت سنين
يا هو السفر فات الأوان
والرجعة ما معروف متين”
الحكامات
تزدهر معظم أقاليم السودان بالتراث الشعبي والثقافي، نظرًا إلى تعدد قبائلها وتنوعها، ومن أبرز المكونات الثقافية المؤثرة في المجتمع السوداني ظاهرة “الحكامات”، اللواتي هن بمثابة الشاعرات الشعبيات في مجتمع المنطقة.
الحكامة هي امرأة لديها موهبة شعرية وغنائية، لكنها سخرتها في التحريض على القتال والحرب. ومع تطور الحياة والوعي المجتمعي، أصبحت الحكامة داعية سلام عبر أغنياتها لإيقاف القتال ونبذ الفتن والعنف. ولكونها شاعرة شعبية وناطقة بكلماتها المؤثرة، استطاعت أن تكون جزءًا من منظومة الحكم الأهلي، ما جعل الحكومة تعمل على استغلالها في تنفيذ سياساتها التنموية بالمنطقة وتعدها تجربة ناجحة.



إرسال التعليق