الحافظ علي عيسى : موروثات غرب السودان الغائبة
في زحام الموروثات الثقافية أو التراث في السودان ، يغيب أحد أقدم وأنقي موروث ثقافي
وآخر آثار الحضارات السودانية هو تراث غرب السودان الذي لم يسلط عليه الضوء لينعكس على مدى أوسع ، إذ أن العالم لم يتعرف على الكثير منه بل حتى على الصعيد المحلي هو مجهول تماما
إنحصرت هذة الأصداف النادرة على وديان دارفور وأعالي شلالات جبل مرة وسحر المجلد والجبال الشرقية مملكة تقلي سابقا
كل هذه الأشياء لم يتثنى لها المرور عبر تيار النيل
أو حتى الانجراف مع غبار الصحراء
وذلك بسبب العزلة الثقافية والطمس للتراث الذي فرضته الحكومات المتعابقة
فمن بين كل الحضارات القديمة تعد سلطنتي الفور في دارفور وكردفان
اللتين تعدان أكثر غنى وتشبعا بالثقافات المحلية لسكان الغرب
أضف لذلك سلطة تقلي والداجو والمساليت وذلك الإرث التاريخي الذي يجسد جزءا كبيرا من حضارات السودان المادية والثقافية ، فمالم يكن في الحسبان أن هذه الحضارة قد تبقى موروثاتها في الظلال.
ولكنها لم تنس في ذاكرة شعوبها على الرغم من محاولات النخب لطمسها وجعلها في الظل، لكنها كتاريخ وموروث ثقافي ظلت حاضرة في ذاكرة أهل الغرب، فما إن تبددت تلك الدول وغابت الشمس عن ثنايا وديانها بدأ الخلف بالتمسك بموروثات السلف التى تمازجت مع الطبيعة فاصبحت جزء من حياة كل فرد داخل الاطار المأطر ،
فعندما تلمح أحد البروش أو القبعات الشمسية المصنوعة من الجريد أو السعف قد لا تعلم أنك
تقف أمام أقدم الحرف اليدوية السودان هي قد تبدو بسيطة بلون أحمر مع زخرافات ورسوم زرقاء هذه القطعة كانت تحاك لأكثر من أربعمائه عام او تزيد، لم تكن هي وحدها فالرماح الحديدية والاحزية الجلدية ومصنوعات الفخار وغيرها من الاشياء ،تلك كانت رموز الحضارة وإحدي موروثاتها ،
فكل الحرف والصناعات اليدوية ذات الطابع الفني تعك انعكاسا للماضي والتراث
وبالعود الى الرقصات الشعبية
وأنواع الموسيقى والأطعمة
واللغات واللهجات الاحتفالات والمناسبات قد تكون هي تلك أبرز ملامح الثقافة الفريدة الغائبة عن التاريخ
فهي كتمثال مالم تتعرف على صاحبه لن تجد له التقدير الكافي ، او يكفيك الاقتراب منه لمعرفة الملامح فقط.
ذلك الارث بات اليوم في الكتب مثل ظل تبرز تقاطعيه بروز خجول وتغيب عنها ملامحه الدقيقة فالوصف المتعجل والمخصتر يخفي بعض الجمال ،لم يجد ذلك الظل الذي يعكس لنا حضارة غائبة من يتتبعه ويتعرف على النسيج الثقافي القديم، وإرثه المادي والرمزي ، لأنه الاصل وكذلك هو السبب في تشابه ثقافات الغرب ،فهي متشابه الى حد كبير جدا رغم إتساع النطاق الجغرافي ،الاختلاف بين ثقافات غرب السودان في بعض التفاصيل إنما الاصل هو واحد يعود لقرون قبل الآن، فكردفان ودار فور كانتا تحت سلطنة الفور بعربها وعجمها متعايشين بسلام ويصدون كل هحوم متأت من الخارج .



إرسال التعليق