الراكوبة : قائد عسكري سوداني بارز يلقى حتفه اثر خلافات حول دعم البرهان
في تطور خطير يعكس تصاعد الانقسامات القبلية داخل المؤسسة العسكرية السودانية، كشفت مصادر موثوقة عن مصرع اللواء بابكر إدريس، قائد المنطقة الشرقية التابع للمجلس الانتقالي بقيادة صلاح رصاص الذي تقاتل قواته مع الجيش السوداني، على يد ضابط في الجيش برتبة عقيد يُدعى عبد المجيد، في حادثة وصفت بأنها تصفية داخلية ذات دوافع قبلية. إدريس، الذي ينتمي إلى قبيلة الفور، لقى مصرعه على يد عبد المجيد المنحدر من قبيلة الزغاوة، في واقعة تعكس هشاشة التماسك داخل الجيش السوداني، وتسلط الضوء على مدى تغلغل الولاءات العرقية في بنية المؤسسة العسكرية.
بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية عن مصدر رفض الكشف عن هويته، فإن الخلاف بين اللواء القتيل والعقيد القاتل ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى صراع قديم بين الطرفين، بلغ حد محاولة اغتيال سابقة نفذها عبد المجيد ضد إدريس في مدينة كسلا، لكنها لم تكتمل. هذا التوتر المتراكم تطور في ظل بيئة عسكرية مشحونة، حيث تتداخل الحسابات الشخصية مع الانتماءات القبلية، ما يجعل من الحوادث الفردية مؤشرات على أزمة بنيوية أعمق داخل الجيش السوداني، الذي يعاني من انقسامات حادة منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
المصدر ذاته أوضح أن جذور الخلاف تعود إلى استياء واسع داخل أوساط قبيلة الزغاوة من العلاقة المتنامية بين اللواء بابكر إدريس والفريق أول عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي. هذه العلاقة ترجمت إلى دعم مباشر من البرهان، تمثل في منح إدريس عشرة آلاف رقم عسكري، إلى جانب مرتبات ومخصصات مالية ضخمة، بهدف دمج قواته ضمن الجيش الرسمي، وحشد عناصر إضافية للقتال إلى جانبه. هذا المسلك أثار غضب الحركات المسلحة الأخرى، التي اعتبرته تمييزًا قبليًا صارخًا، وانتهاكًا لاتفاق جوبا للسلام، الذي ينص على دمج الحركات المسلحة بشكل عادل ومتوازن داخل القوات النظامية.
الحادثة تعيد طرح تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الجيش السوداني على الحفاظ على تماسكه في ظل تصاعد النزاعات القبلية، وتراجع الانضباط المؤسسي. كما تكشف عن خلل هيكلي في عملية دمج القوات، التي باتت تخضع لمعادلات الولاء الشخصي والقبلي، بدلًا من المعايير الوطنية والمهنية. في ظل استمرار الحرب وتراجع سلطة القيادة المركزية، تبدو المؤسسة العسكرية السودانية عرضة لمزيد من التفكك، ما يهدد بفتح جبهات داخلية جديدة، ويقوّض أي جهود محتملة لإعادة بناء الدولة على أسس عادلة وشاملة.



إرسال التعليق