بكري الجاك: الأزمة السودانية تتجاوز الصراع الثنائي وتحتاج مشروعاً وطنياً جامعاً - صوت الوحدة

بكري الجاك: الأزمة السودانية تتجاوز الصراع الثنائي وتحتاج مشروعاً وطنياً جامعاً

مصدر اخبار السودان

تناول الدكتور بكري الجاك تعقيدات المشهد السياسي السوداني الراهن في حوار مباشر على قناة نادوس رصدها موقع اخبار السودان ، مشيراً إلى أن الأزمة الحالية لا يمكن اختزالها في مجرد صراع بين طرفين، بل هي أزمة مركبة تتداخل فيها عوامل بنيوية وتاريخية، إلى جانب التحديات التي فرضتها المرحلة الانتقالية. وأوضح أن ما يجري في السودان ليس مجرد خلاف على السلطة، بل هو انعكاس لانهيار مؤسسات الدولة، وتفكك العقد الاجتماعي الذي كان يربط بين المكونات السياسية والمدنية. وأكد أن غياب المشروع الوطني الجامع ساهم في تعميق الانقسامات، وأن القوى السياسية لم تنجح حتى الآن في تقديم رؤية واضحة للخروج من الأزمة.

دور الجيش

تطرق الجاك إلى دور المؤسسة العسكرية في المشهد السياسي، مشيراً إلى أن الجيش السوداني لم يكن يوماً مؤسسة محايدة، بل ظل طرفاً فاعلاً في إدارة السلطة منذ استقلال البلاد. وأوضح أن تدخل الجيش في السياسة لم يكن نتيجة فراغ، بل جاء نتيجة ضعف الأحزاب المدنية وعدم قدرتها على بناء مؤسسات ديمقراطية مستقرة. وأضاف أن المؤسسة العسكرية، رغم قوتها التنظيمية، لم تقدم نموذجاً للحكم الرشيد، بل ساهمت في تعميق الأزمات عبر الانقلابات المتكررة والتحالفات المؤقتة. وأكد أن الحل لا يكمن في إقصاء الجيش، بل في إعادة تعريف دوره ضمن منظومة مدنية ديمقراطية تضمن التوازن بين السلطات.

قوى مدنية

في سياق متصل، انتقد الجاك أداء القوى المدنية، مشيراً إلى أنها لم ترتقِ إلى مستوى التحديات التي تواجه البلاد. وأوضح أن هذه القوى، رغم شعاراتها الثورية، فشلت في بناء قاعدة جماهيرية حقيقية، كما أنها لم تقدم برامج واضحة لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف أن الانقسامات داخل الصف المدني، والتنافس على المواقع، أضعفا من قدرتها على التأثير، وجعلتها عاجزة عن فرض أجندة وطنية موحدة. وأكد أن غياب القيادة السياسية الرشيدة ساهم في إطالة أمد الأزمة، وأن المطلوب اليوم هو مراجعة شاملة لأداء هذه القوى، وإعادة بناء الثقة بينها وبين الشارع السوداني

تدخل خارجي

أشار الجاك إلى أن العامل الخارجي أصبح جزءاً أساسياً من الأزمة السودانية، موضحاً أن التدخلات الإقليمية والدولية لم تكن دائماً في صالح الاستقرار. وأوضح أن بعض الدول تسعى إلى فرض أجندات خاصة بها، مستغلة حالة الانقسام الداخلي، وأن هذا التدخل يُضعف من فرص الحل الوطني. وأضاف أن المجتمع الدولي، رغم دعمه المعلن للتحول الديمقراطي، لم يقدم ما يكفي من الضمانات لحماية العملية السياسية، بل اكتفى بإصدار بيانات دون إجراءات عملية. وأكد أن الحل يجب أن يكون سودانياً خالصاً، وأن أي تسوية لا تنبع من الداخل ستظل هشة وقابلة للانهيار.

مسار الحل

في ختام حديثه، شدد الجاك على ضرورة بناء مشروع وطني جامع، يقوم على إعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع، ويضمن مشاركة جميع المكونات في صياغة مستقبل البلاد. وأوضح أن الحل لا يمكن أن يكون أمنياً أو عسكرياً، بل يجب أن يكون سياسياً يستند إلى الحوار والتوافق. وأضاف أن السودان بحاجة إلى قيادة سياسية تمتلك رؤية استراتيجية، وتتمتع بالقدرة على إدارة التنوع، وتحقيق العدالة الانتقالية. وأكد أن الوقت لا يزال متاحاً لإنقاذ البلاد، شريطة أن تتخلى الأطراف عن منطق الغلبة، وتنتقل إلى منطق الشراكة الوطنية الحقيقية.

إرسال التعليق

لقد فاتك