بشرى عبد الرحمن يكتب : الملاجَاجات في تراب بورتسودان: شجرة ٥٦ وقعت ولن تعود - صوت الوحدة

بشرى عبد الرحمن يكتب : الملاجَاجات في تراب بورتسودان: شجرة ٥٦ وقعت ولن تعود

الملاجَاجات في تراب بورتسودان: شجرة ٥٦ وقعت ولن تعود

شجرة “٥٦” وقعت ولن تعود، وكان فضل ختامها للبدوي، مسنودًا بالأشاوس. كل ما يصدر من مراحل موتها لا يعدو أن يكون ملاجَاجة (مجمجة) نُخب ساكت. في موتها هذا، أرادت أن تُنتج أكثر من مسخ، لكن كل ما حاولت إنجازه، وُجِد ميتًا. الجين الوراثي انقرض، ولم يعُد موجودًا في دهاليز هذه الدولة.

أفضل ما يوصف به حالهم هو أنهم مجرد ملاشٍ وتجار حروب يستنزفون موارد الدولة. والمطلوب من البدوي الآن هو صناعة السلام بالبندقية، وتوحيد الجغرافيا الممتدة من ساحل بورتسودان إلى رمال الجنينة، كما فعل إبراهام لينكولن في توحيد الدولة الأمريكية عبر الكونفدرالية، وإلغاء كل التشريعات التي أدت إلى انحدار السودان نحو نظام قائم على الإقصاء والابتعاد عن العدالة.

نموذج بورتسودان يقوم على سرقة موارد المناطق التي يتمركز فيها، ويُقَتسَم عائدها مع تجار الحرب. إنهم مستفيدون من الوضع القائم، ولا نية لهم في الجنوح نحو السلام أو تأسيس دولة على أسس جديدة، قائمة على العدل والمساواة.

شتات جنرالات حرب الندامة تآكلت بنية أفكارهم، حتى وصلت إلى الاستقواء بالقبيلة. مفهوم الدولة يتآكل أمام أطماعهم في سرقة الموارد. واليوم، يتم “استوزار” عصابات حسب الطلب، بناءً على رغبات عِرقية، لا على مفهوم الدولة.

في سابق الأيام، ومع التهريج الذي صاحب ما سُمِّي بـ”اتفاق جوبا”، كانت رؤية عصابة بورتسودان أن هذا التمثيل ما هو إلا تمكين لقبيلة الزغاوة، بينما في الوقت ذاته، سيطر الحلفاويون والمحس على بعض الوزارات والشركات الاقتصادية، في ارتباط وثيق بدولة مصر، المتهمة بالسيطرة على النحاس المسروق من الخرطوم.

ينبغي الإمساك بزمام المبادرة للمحافظة على جغرافيا الدولة، وإعادة هيكلة المؤسسات، وبناء عقد اجتماعي جديد يحفظ الحقوق. من بورتسودان، مرورًا بعطبرة والجزيرة وسنار، لا نرى دولة، بل مجموعات مليشيات قبلية موزعة على طول الطريق، تأخذ الرشاوى (“الكسرات”) للسماح بالمرور.

المواطن في هذه المناطق يقع تحت رحمة مزاج المليشيا المتواجدة في نقاط العبور. ففي النيل الأبيض، حي ٣١ و٢٩، القشارات، تُنفَّذ السرقات على يد بعض منسوبي مليشيات الجيش، الذين يقومون بالسطو على البيوت ليلًا وهم في حالة سُكر. وإن لم تُعطهم هاتفك أو نقودك، فإنهم لا يترددون في إطلاق النار عليك.

تُسلّح القبائل وهي في حالة ضد مجتمعية، كما حدث في منطقة الدبة بين قبيلتي الهواوير والكبابيش. هذا الوضع يتطلب تدخلًا فوريًا من قوى التأسيس، لوقف نزيف الدم واستعادة الأمن والاستقرار في جميع أنحاء السودان.

إرسال التعليق

لقد فاتك