️ مجتبى عادل يونس يكتب : سماسرة الدم البلابسة - صوت الوحدة

️ مجتبى عادل يونس يكتب : سماسرة الدم البلابسة

عندما يتداخل لون الدم بلون الذهب تظهر تجارة الحرب، ليست مجرد صفقات سلاح باردة بل استثمار في أعمق جراح الإنسانية، تجعل من الدمار وقوداً لمحركاتها، إنها مهنة يمارسها سماسرة الظلام الذين يبنون قصورهم على أنقاض الأحلام ويصوغون أمجادهم من دموع الأمهات.
هؤلاء الذين يتاجرون بالحرب هم أناس قد لا ترتسم على وجوههم ملامح الوحشية الصارخة، قد يرتدون أقنعة الاستراتيجيين أو الدعاة للوحدة كالبلابسة، ينسجون الخيوط المعقدة للحرب يصبون الزيت على النار المشتعلة ويجعلون من كل شقاق وكل نزاع وكل قطرة دم فرصة ذهبية، لا يرون في الحرب فجيعة بل يرون فيها سوقاً لا تعرف الكساد، سوقاً يدفع فيها الثمن بأغلى ما يملكه الإنسان!!!حياته.
السلام في قاموسهم هو العدو اللدود، الركود الذي يقتل شهيتهم هو النذير بنهاية عصرهم الذهبي، يرفضون السلام ليس خوفاً منه بل كرها له لأن السلام يعني استعادة البراءة للأرض وإعادة الروح إلى الأرواح وتوقف عجلة الربح الخبيث.
لذلك كلما بزغت خيوط السلام وجدناهم ينفثون سموم الشقاق ويصورون التفاوض على أنه خيانة والحوار على أنه استسلام.
إن معاناة الناس في هذه اللعبة القذرة ليست سوى وقود، الأب الذي فقد فلذة كبده، الأم التي ابتلعت أحلامها، الطفل الذي أصبح يتيماً في عالم لا يرحم، كل هؤلاء هم مجرد أرقام في جداول الربح والخسارة لهؤلاء التجار، دماء الشهداء تصبح سيولة وصرخات الثكالى تصبح ألحاناً لنشواتهم .
يبنون عروشهم على أكتاف الضحايا ويتمتعون بحياة مترفة بينما يتركون الآخرين يعيشون في جحيم لا ينتهي.
و يبرز ذلك الصنف من البشر الذين يعشقون أجواء الحرب، يلهبون الخطابات ويحرضون الجيوش ويهتفون بالانتصارات ولكنهم يلوون وجوههم أمام مشهد الدمار ويغلقون آذانهم عن صرخات المكلومين، هم أصحاب الشغف بالحرب والنفور من تبعاتها، كأنهم يرغبون في قطف ثمار العنف دون أن تلطخ أيديهم بندى الدماء.
في الوقت ذاته أضعف من أن يتحملوا وقع صرخة الألم الحقيقي أو أن يحدقوا في عيني طفل متشرد.

إرسال التعليق

لقد فاتك