عمار سعيد يكتب : المنصوري بين بريق المنصب ووهم الإنجاز: سقوط جديد في امتحان المصداقية - صوت الوحدة

عمار سعيد يكتب : المنصوري بين بريق المنصب ووهم الإنجاز: سقوط جديد في امتحان المصداقية

في مشهدٍ لا يخلو من التناقضات، ظهر الدكتور أحمد التجاني المنصوري وزيرًا للثروة الحيوانية في سلطة بورتسودان الانقلابية، قادمًا من الإمارات حيث ظلّ يسعى لتثبيت اسمه في المجال الأكاديمي والتنموي عبر أطروحات متعددة عن مستقبل الإنتاج الحيواني في السودان. إلا أن قبوله لهذا المنصب في ظرف استثنائي وملتبس من تاريخ البلاد، يضع علامات استفهام كبيرة حول مسيرته الفكرية ومصداقيته الشخصية.

منذ أول تصريحاته، أعلن المنصوري عزمه على بناء “أكبر مسلخ لحوم في السودان” بولاية نهر النيل، متجاهلًا كل دراسات الجدوى وخطط التنمية التي كان هو نفسه قد بشّر بها عبر مقالات ومحاضرات حول ضرورة ربط مشروعات الثروة الحيوانية بمناطق الإنتاج الأساسية في دارفور وكردفان. هذا التحول المفاجئ لا يعكس رؤية استراتيجية بقدر ما يعكس نزعة للظهور في المشهد السياسي، ولو على حساب مبادئه التي ظلّ يتغنى بها.

تجربة المنصوري الأخيرة تكشف عن شخصية متقلبة، تلهث وراء الأضواء والمناصب، وتبحث عن أي فرصة لتثبيت لقب وزاري في السيرة الذاتية، حتى لو كان ذلك في كيانٍ انقلابي مرفوض شعبيًا ومصيره الزوال الحتمي. هذه المغامرة قد تتحول إلى وصمة في مسيرته، إذ لا يمكن تبرير الانحياز لمشروعات وهمية ومناطقية تُعيد إنتاج المركزية العنصرية التي ظلت سببًا رئيسيًا في فشل التنمية المتوازنة في السودان.

ولعل أخطر ما في هذا الموقف أن المنصوري قد يكرر تجربة الروابي الإماراتية، لكن في بيئة مختلفة تمامًا؛ فبينما بنت الروابي نجاحها على استثمارات ضخمة في “وادي غير ذي زرع”، يحاول هو أن ينقل النموذج إلى السودان من باب الاستعراض لا من باب التخطيط، متجاهلًا الفوارق في الإمكانيات والاحتياجات والأولويات.

إن انزلاق شخصية مثل المنصوري، التي عُرفت يومًا بطرحها التنموي الجاد، إلى مربع السلطة الشكلية والمناصب الزائلة، لا يسيء فقط إلى تاريخه الشخصي، بل يضعف الثقة في كثير من الكفاءات التي طالما بشّرت بالتغيير، ثم انحنت عند أول اختبار. إنها مغامرة قد تُكلفه مكانته العلمية والفكرية، وتضع اسمه في خانة الباحثين عن المجد السهل، لا بناة النهضة الحقيقية.

إرسال التعليق

لقد فاتك