عبد الحفيظ الإمام قسوم : مصر والبرهان والبحث عن الشرعية المفقودة - صوت الوحدة

عبد الحفيظ الإمام قسوم : مصر والبرهان والبحث عن الشرعية المفقودة

منذ اندلاع الحرب في السودان، ظلّ المشهد السياسي والدبلوماسي متشابكاً بين الداخل المتصدع والخارج المتحفز للتأثير. وفي قلب هذا التعقيد برزت مصر كفاعل إقليمي يسعى عبر أدواته المختلفة إلى إعادة حكومة بورتسودان إلى المشهد الدولي، وتحديداً عبر مجلس السلم والأمن الإفريقي، في محاولة لإعادة العضوية المعلقة للخرطوم داخل الاتحاد الإفريقي.

الدبلوماسية المصرية وتكتيكات الضغط

لم تكتفِ القاهرة بالمسارات الرسمية التقليدية، بل وظفت شركات العلاقات العامة، والاتصالات غير المباشرة، وأدوات الضغط داخل المؤسسات الإفريقية، لتلميع صورة الحكومة القائمة في بورتسودان. الهدف من ذلك هو إعادة تقديمها كطرف شرعي، رغم أن الشروط التي وضعها الاتحاد الإفريقي واضحة ومباشرة:

  1. وقف الحرب.
  2. الاستجابة للقضايا الإنسانية.
  3. الانخراط في عملية سياسية جادة وشاملة.

غير أن هذه الشروط لا تجد صدى حقيقياً في ممارسات حكومة البرهان.

تعديلات شكلية ورسائل للخارج

الخطوات التي أقدم عليها الفريق أول عبد الفتاح البرهان مؤخرًا عبر تعديلات في تركيبة حكومته، لم تُقرأ سوى كـ رسائل شكلية للخارج، غرضها الإيحاء بالاستجابة للضغوط، أكثر من كونها رغبة جادة في الإصلاح أو التغيير.

وفي سبيل تعزيز صورته، قد يمضي البرهان إلى تأسيس برلمان صوري لا يختلف عن نموذج “برلمان الديكور” في عهد كامل إدريس، حيث تُصاغ مؤسسات شكلية بلا أثر حقيقي على الأرض سوى شراء الوقت ومحاولة إضفاء شرعية سياسية مفقودة.

السماسرة كأداة للتلاعب بالشروط

رغم وضوح مطالب الاتحاد الإفريقي، تنشط مصر عبر شبكة من الوسطاء والسماسرة للالتفاف على هذه الشروط، محاولة إعادة حكومة بورتسودان عبر طرق ملتوية. هذا السلوك لا يساعد في معالجة جذور الأزمة، بل يفاقمها عبر تكريس منطق الشرعية الشكلية دون معالجة أسباب الحرب والانهيار الإنساني والسياسي.

غياب حكومة التأسيس عن المشهد

في المقابل، يظلّ تأخر قوى تحالف التأسيس وقوى الثورة الحقيقية في تفعيل قنوات الدبلوماسية والعلاقات الخارجية واضحاً. هذا الغياب يترك الساحة شبه خالية أمام تحركات بورتسودان المدعومة من القاهرة، ويضعف فرص الصوت البديل في مخاطبة المجتمعين الإفريقي والدولي.
خاتمة

إن معركة الشرعية في السودان لم تُحسم بعد. ما بين شرعية زائفة تحاول حكومة بورتسودان شراؤها عبر الديكور السياسي والدعم الإقليمي، وشرعية حقيقية مشروطة بوقف الحرب والانخراط في عملية سياسية شاملة، تظل الكلمة الفصل بيد الشعب السوداني وقواه الحية، إذا ما استطاعت تنظيم صفوفها وممارسة دورها الدبلوماسي والضغط الخارجي كما ينبغي.

إرسال التعليق

لقد فاتك