كاربينو يكتب :حكومة تأسيس أمام استحقاق الوفاء الشرطة الفيدرالية نموذجاً للانحياز والتضحية
في قلب الصراع الوطني الراهن لم تتردد الشرطة الفيدرالية في إعلان انحيازها الكامل لثورة الشعب السوداني ، مؤيدةً قوات الدعم السريع في معركتها ضد مشروع الحركة الإسلامية ، لتصبح رمزاً حياً للتضحية والانتماء في زمن التحولات المصيرية.
لقد قدمت الشرطة الفيدرالية تضحيات جساماً حيث ارتقى عدد من ضباطها وجنودها شهداء في الصفوف الأمامية ، لم يتوارى هؤلاء خلف المسؤوليات الإدارية بل تقدموا ساحات المواجهة بوعي كامل أن هذه الحرب ليست معركة تمرد وإنما هي لحظة فاصلة بين مشروع استبداد أشعلته الحركة الإسلامية ، ومشروع وطن جديد قوامه العدالة والسلام والحرية.
إن إعلان الشرطة الفيدرالية الصريح بأن الحركة الإسلامية هي من أشعلت هذه الحرب ، يمثل شهادة تاريخية على وعيها العميق بدور هذه الجماعة في تدمير البلاد ، ومحاولة جرها إلى هاوية الفوضى ، وبذلك وضعت الشرطة نفسها في موضع الانتماء للشعب لا للأنظمة وفي جانب الثورة لا في صف القمع.
إن انحياز الشرطة الفيدرالية للشعب السوداني ولثورته لم يكن مجرد موقف ظرفي بل خطوة عميقة لإعادة تعريف العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمجتمع ، فبعد عقود من التشويه الذي مارسته الأنظمة الاستبدادية أعادت الشرطة الفيدرالية الثقة بين المواطن ومؤسسته الأمنية وأثبتت أن الأمن الحقيقي لا يتحقق إلا بالانتماء للشعب والدفاع عن حقوقه.
الشهداء الذين قدمتهم الشرطة الفيدرالية ليسوا مجرد أرقام في سجل التضحيات بل هم عنوان لولاء لا يُشترى ورسالة للأجيال القادمة بأن الانتماء للوطن يعلو فوق كل اعتبار ، إن تخليهم عن الامتيازات ووقوفهم في الصفوف الأمامية يرسخ معنى أن الثورة السودانية وجدت رجالها المخلصين.
إن وجود الشرطة الفيدرالية داخل مشروع تحالف تأسيس يعكس أن هذا التحالف ليس مجرد تجمع سياسي أو عسكري بل هو فضاء جامع تنخرط فيه مؤسسات الدولة التي آمنت بالثورة ورفضت أن تكون أداة للقمع ، بهذا المعنى فإن الشرطة الفيدرالية تُعد حجر زاوية في بناء دولة جديدة تتجاوز المركزية القديمة وتؤسس لأمن وطني قائم على العدل والشراكة مع المجتمع.
وعليه فإن استحقاق الوفاء لهذه المؤسسة العريقة لا يقتصر على كلمات الشكر ، بل يتطلب من حكومة تأسيس أن تحفظ لها حقوقها كاملة وتكرم شهداءها وتمنح منتسبيها ما يستحقونه من اعتراف ومكانة باعتبارهم شركاء حقيقيين في معركة البناء الوطني.
إن ما سطرته الشرطة الفيدرالية في هذه المرحلة العصيبة ليس مجرد موقف عادي بل هو تأسيس لوعي جديد بدور الأجهزة الأمنية في خدمة الشعب لا استعباده ، وفي حماية الوطن لا التسلط عليه، إنها بداية لمرحلة تترسخ فيها قيم التضحية والانتماء ولحظة تؤكد أن السودان يمضي نحو بناء دولة القانون والمؤسسات على أكتاف من آمنوا بالثورة وضحوا في سبيلها.
إرسال التعليق