علي الحافظ : العلمانية ليست خيارًا إضافيًا
العلمانية ضرورة، وليست ترفًا فكريًا.
للمجتمعات التي خضعت عقولها للأيديولوجيا الدينية الموروثة، لا يمكن أن تُبنى على العدالة أو الحرية الحقيقية ما لم تُعَلْمَن جذريًا. فالعلمانية ليست خيارًا إضافيًا على هامش الدولة، بل هي شرط لوجودها واستمرارها. ومحاولة تمريرها بلطف أو بمرونة كمن يضع ضمادة على جرح عميق ويترك النزيف مستمرًا حتى الموت.
إن علمنة المجتمع وكل مؤسساته ليست رفاهية فكرية، بل ضرورة لا بد منها. وأي صيغة تُبقي للدين سلطة على القرار العام، أو تمنح الموروث الرجعي نفوذًا على القوانين، هي في حقيقتها ترسيخ لجذور الاستبداد. فالذي أُسِر وعيه لعقود تحت نصوص مُؤلَّهة ومقدسات مصنوعة، لا يمكن أن يتحرر إلا بقطع كل صلة تربط حياته العامة بالعقيدة.
ونحن نموذج حي لذلك، فما نعيشه اليوم هو نتيجة مباشرة لغياب العلمانية عن حياتنا ومؤسساتنا. وإن لم نتدارك الموقف ونُعَلْمِن الحياة بأكملها، فإن مصيرنا سيكون أسوأ مما كان عليه. ومراعاة الظروف المحلية، أو الاحتجاج بذاكرة الشعب القصيرة أو أيديولوجيته الدينية، لا تعني بأي حال التماهي معه، فذلك التماهي لا ينتج إلا إعادة تدوير للقيود نفسها التي كبّلته من قبل، وإبقاء السجن الفكري قائمًا وإن تغيّر شكله.
إرسال التعليق