بابــكر القاسم : في وسط دارفور: الإنسان تحت وطأة الكوليرا وأشياء أخرى - صوت الوحدة

بابــكر القاسم : في وسط دارفور: الإنسان تحت وطأة الكوليرا وأشياء أخرى

في مثل هذه الظروف الحرجة، تنبع أهمية وحدة الصف والتماسك بين مكونات المجتمع لمجابهة التحديات الماثلة في كل شيء، في زمن الكوليرا والحرب والآثار المترتبة على ذلك.

في زمن التشظي والانقسام الداخلي الناتج عن تأثيرات الفعل السياسي بأوجه مختلفة، حيث تسعى الأطراف المختلفة للاستقطاب الحاد على أسس تمزق هذه اللحمة المجتمعية، هؤلاء يفرقون بين المرء وزوجه، والوالد وابنه، والجار وجاره، من حيث التباين الفكري والمواقف. فكيف يستطيع الفرد والمجتمع الصمود والثبات في وجه عاصفة التجاذب والشد والتوتر الذي تخلقه تلك العوامل؟

كما أسلفت، نحن نعيش حالة حرب، والحرب لا تلد إلا شرًّا، والشر أضحى يتناسل ويفرخ في كل فج من هذه الفجاج السودانية: تردي الوضع السياسي وعدم استقراره، والاقتصادي المتمثل في قلة الدخل والتضخم المريب وغلاء الأسعار، والاجتماعي في تفتت النسيج بسبب المواقف المعلنة وغير المعلنة، والإنساني في غياب الدعم أو المساعدات الإنسانية لهؤلاء المتضررين والمتأثرين بالحرب. وفوق ذلك كله حل بنا الطاعون، المرض الملعون، وباء الكوليرا. إذن، سنموت بأشكال مختلفة حتما.

عليه، ينبغي أن نتكاتف ونتكامل ونتكافل ونعي جيدًا مدى الخطر لمواجهة هذه التحديات.

أولًا: يجب علينا الاهتمام والتركيز على الصحة العامة والشخصية، ونظافة ضمائرنا أولًا، ثم بيئتنا المنزلية، ثم نخرج للشارع فالبلدة أو المدينة.

ثانيًا: نتجنب العادات والتقاليد والسلوكيات غير الصحية، لأنها لا تجدي نفعًا في مثل هذا الوقت.

ثالثًا: أن نستجيب للموجهات والقرارات والإرشادات الصحية لكي نقي أنفسنا شر الإصابة بمرض الكوليرا، وإذا حدثت لنا إصابة – لا قدر الله – أن نسرع في إسعاف الحالة بأنفسنا مع الالتزام بطرق المعاملة الصحية.

نعلم جيدًا أننا نعاني من كل شيء، حتى وسيلة نقل المرضى الصحية (عربة الإسعاف) غير متوفرة في زالنجي، حاضرة ولاية وسط دارفور، ناهيك عن المحليات والمناطق النائية. وسائل الوقاية من خطر المرض، خاصة الكلور، غير متوفرة أو غير ظاهرة للعيان، وعمليات الرش والتعقيم غير متوفرة أيضًا. الذباب وبقية النواقل متكاثرة ومنتشرة في كل مكان، والمياه فوق وتحت الأرض، كلها عوامل تفاقم من انتشار هذا الخطر المداهم.

المغلوب على أمرهم في معسكرات النزوح وفي الفيافي والدمّر والفرقان، هؤلاء المنسيون هم الأكثر تضررًا بهذا المرض؛ لا وقاية ولا إسعاف، وجدوا أنفسهم بين مطرقة الجوع وسندان الكوليرا. عليه، يجب أن نتحسس بعضنا ونراقب ونصبح ونمسي على الجار: ماذا أكل وماذا شرب؟ كثيرون يفتقدون لأبسط مقومات الحياة، ومن فوق ذلك هذا الإسهال، المرض اللعين

إرسال التعليق

لقد فاتك