عزيز الدودو : نيالا.. ميلاد جديد للسودان

في شوارع نيالا، قلب دارفور النابض، تعلو هتافات الأمل وتتدفق المسيرات احتفالًا بميلاد جديد، ليس انتصارًا بالسلاح، بل إعلانًا لإرادة شعب رفض أن يُدفن تحت أنقاض التمييز والإقصاء. هذه المشاهد ليست عفوية، بل هي صرخة مدوية في وجه السلطة الإنقلابية في بورتسودان التي وظفت مؤسسات الدولة لقهر شعوب الهامش وحرمانهم من حقوقهم الأساسية، مستخدمةً قوانين عنصرية مثل قانون “الوجوه الغريبة”، ومُهملةً حياة الملايين بقطع الخدمات الأساسية، ومُفاقمة الأزمات بقرارات كارثية كتغيير العملة، التي حرمت المناطق المهمشة حتى من حقهم في إستبدال العملات النقدية التي بحوذتهم.

ما يحدث اليوم في نيالا هو أكثر من احتجاج؛ إنه إعلانٌ عن ضرورة ولادة نظام جديد. نظام تقوده حكومة وحدة وطنية تكون ملاذًا من الانهيار، وتجسيدًا عمليًا لعدالة تُنهي عقودًا من التهميش. حكومة لا تكتفي بضمّ كل الأطراف، بل تُعيد تعريف المواطنة لتكون حقًا غير قابل للمساومة، وتُعيد بناء الثقة عبر خطوات عاجلة: وقف الحرب فورًا، وإغاثة المناطق المنكوبة، وبدء مصالحة تُصحح جراح الماضي.

هذه اللحظة ليست مجرد تغيير وجوه، بل فرصة أخيرة لإنقاذ السودان من السقوط في الهاوية. فإما وحدة تقوم على المساواة، أو استمرار لانهيار لن يُبقي شيئًا. التاريخ لن يُسامح مَن يقف متفرجًا.