عزيز الدودو : نخب الإنحطاط والحرب في السودان - صوت الوحدة

عزيز الدودو : نخب الإنحطاط والحرب في السودان

الصحفي عادل الباز يغرد ساخرًا من الجهود والمبادرات الداعية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، بعد فشل إجتماعات الرباعية، ساردًا ما حدث في جدة والمنامة والمبادرة الأمريكية (أو بالأحرى الرباعية) في واشنطن، معتبرًا أن الدعوة للسلام هي أماني “تأسيس” وأوهام “صمود”.

لاحظوا إلى أي مدى تزدري هذه النخب المنحطة مشاريعَ السلام والاستقرار، وتدعو إلى استمرار هذه الحرب اللعينة، غير مبالية بأرواح الضحايا والمعاناة التي يعيشها الناس جراء هذه الحرب المدمرة.

إذا تحرينا عن مكان تواجد هذا الصحفي المدعو عادل الباز، فمن المؤكد أننا سنجده مقيمًا في إحدى العواصم العربية أو الآسيوية، مثل ذلك المنحط المدعو عبدالله علي إبراهيم، الذي يقيم حاليًا في فيلا فاخرة في نيويورك ويدعو إلى استمرار الحرب، ولا يرى أنها ستتوقف إلا بتحقيق أجندة الجيش، بحيث تنتهي الحرب لصالحه كما صرح في إحدى لقاءاته التلفزيونية. وهو يعلم جيدًا أن أجندة الجيش تختلف عن مصالح وأجندة الشعب السوداني، نظرًا لأن الجيش مؤسسة استعمارية، وعقيدته القتالية ليست قومية.

فلماذا يرهن هذا المثقف الجهوي وقفَ الحرب بضمان تحقيق مصالح الجيش؟

الإجابة على هذا السؤال تكمن في الخلفية الثقافية للكاتب عبدالله علي إبراهيم في المقام الأول، ثم تأتي في المقام الثاني عقيدة الجيش القتالية وعلاقتها بالهوية الإسلاموعربية التي تنتمي إليها هذه النخب المنحطة، أمثال عبدالله علي إبراهيم، والصحفي عادل الباز، ومحمد جلال هاشم، وغيرهم من المثقفين من أبناء شمال ووسط السودان.

أزمة الدولة السودانية هي أزمة وعي وأخلاق، وليست بالضرورة أزمة وعي العامة، بل المشكلة تكمن في غياب الوعي الأخلاقي لدى النخب.

هذه الحرب كشفت لنا وضاعة النخب وانحطاطهم، بعدما تبين مدى دناءتهم وطبيعة العقلية العنصرية التي يتخندقون داخلها، ضاربين بعرض الحائط كل القيم الوطنية التي كانوا يتشدقون بها طوال السنوات الماضية، حين ظننا أنهم صادقون في وطنيتهم وحبهم للبلاد وأهلها بمختلف تنوعاتهم الإثنية والثقافية. لكن هذه الحرب كشفت كل شيء، وإذا كان للحرب حسنة، فإن من أعظم حسناتها أنها كشفت زيف هؤلاء المنافقين المنحطين أخلاقياً.

الغالبية العظمى من نخب الشمال والوسط تريد استمرار الحرب لضمان استمرار هيمنة أبنائهم على السلطة عبر انتصار الجيش، أو يلجؤون إلى خيار الانفصال إذا تعذر عليهم تحقيق أهدافهم المتمثلة في استمرار إقصاء أبناء الهامش من معادلة السلطة والثروة، والحفاظ على امتيازاتهم التاريخية.

نحن، بدورنا، لن نسمح باستمرار هيمنتهم على السلطة، ولن نسمح بإعادة تدوير السودان القديم مهما كانت الظروف. وهذا يتطلب الاستعداد لحرب طويلة الأمد مع نخب الشمال والوسط، التي أعمتها شهوة السلطة عن رؤية الأمور بصورة واقعية وموضوعية.

إرسال التعليق

لقد فاتك