مبارك الفاتح الفاضل : كانت لنا أيامٌ مشرقة جميلة في معهد العلاّمة عبدِالله الطّيّب المجذوب..ليتها تعود - صوت الوحدة

مبارك الفاتح الفاضل : كانت لنا أيامٌ مشرقة جميلة في معهد العلاّمة عبدِالله الطّيّب المجذوب..ليتها تعود

كانت لنا مع أحبتي النبلاء ،وإخواني الأدباء النبهاء، وأصدقائي الأوفياء-مجالس علمٍ وأدبٍ وثقافةٍ وفكرٍ .. يُشفى بأحلامها الجهل..في معهد العلاّمة عبدِالله الطّيّب المجذوب شيخ العربيّة العبقري وعُقابها الأكبر..
لقد كانت -وأيم الله -مجالس عامرة بأقوام حسان الوجوه ، كأن أعناقهم أباريق فضةٍ ،وكأن ثيابهم نسجت من ضوء القمر…
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم
دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه
كنا نجلس في حلقة بهية ،تغشاها السكينة،ويحفهاالوقار ..وأستاذنا الدّكتور العلاّمة الصِّدّيق عمر الصِّدّيق وارث مدرسة العلاّمةعبدِالله الطّيّب المجذوب ومدير معهد العلاّمة -يقصُّ علينا أطرافاً من أنباء الأدب والفكر والثقافة ،ونكاتٍ علميّة ممزوجة بفكاهة من صميم العلم والمعرفة…كل والقوم قد عقدو الحُبى وجثو أمثال الرُبى،يستمعون في استغراق وانبهار ..كأنما على رؤوسهم الطير ،من حديث هذا اللوذعي النّحرير والنّاقد السّميذعي البصير…وأستاذنا الأديب الشاعر الناقد الإعلامي (معلم كلووو)محمد الخير إكليل يبتسم في رضاً ظاهر وسرور وقور…من حديث قائد سفينة ركب العلاّمة عبدِالله الطّيّب المجذوب
كتبتُ وعندي من فراقك لوعة
تزيد بكائي أو تقل هجوعي
فلو أبصرت عيناك حالي كاتباً
إذاً كنتَ ترثي في الهوى لخضوعي
أخطُّ وداعي الشوق يُملي وكلما
تعدّيتُ سطراً رمّلته دموعي
وكم كنتُ أفرح فرحاً عميقاً لمقدم خواص الخواص من أصدقائي الأوفياء الأستاتذة النبلاء الذين تزدان بهم منارات العلم والمعرفة(علي الطيب الحلبي ومحمد عيد ابو الأعياد واسطة العقد ،ويحي أدهم الدابي ،ومصطفى الروسي)
كم كنت أصاب بالجزع والحزن الشّديد والكآبة لفراقهم ،فأيامهم بين ظهرانينا خوالد لا تنسي أبد الآباد، فيها تجتمع كلمتنا ويلتئم شملنا على الأدب والفكر والثقافة وبنت عدنان العظيمة الفخيمة
وشهد الله عند مقدمهم -حياهم الله وبياهم-تتوقد جنبات المعهد وتضيء مكتبته ..وأستاذنا العلاّمة الصِّدّيق عمر الصِّدّيق كان أسعد مايكون بمقدم هؤلاء السّادة الأعلام الأماجد الهاربين من وادي عبقر ..من أجل يحث السيدة إيمان-بارك الله فيها-على الإسراع بإحضار قِرى هؤلاء النبلاء ..وقد تهلل وجهه وأشرق بالغبطة والرضاء ..فتأتيه بالقِرى ومحفل الشاي السادة(بأنواعه المختلفة)تفوح منه رائحة القرنفل أو نكهة الليمون أو عبق الهبهان (حب الهان) فهي حريصة كل الحرص على إكرام الضيوف بكل أريحيّة ورقي وسرعة تفوق آصف بن برخيا و..أليست تستحق من الشكر أجزله ومن التقدير أوفاه..؟
كان ومايزال -ولا ينفك-أستاذنا العلاّمة الصِّدّيق، يحب أضيافه ويحبونه حباً جماً ويلقونه بالمحبة والتوقير والإجلال ..ويتلقاهم بالتواضع والإيثار والتَّرحاب …فيحلون في داره اهلاً وينزلون بها سهلاً
إذا ما أتاه السائلون توقدت
عليه مصابيح الطلاقة والبشر
وهذا حديث حلو طويلٌ
دع عنك نهباً صيح في حجراته….
وعندما أتذكر تلك الأيام الجميلة التي قضيتُها مع الأصدقاء في معهد العلاّمة، تثير في نفسي أحاسيس محببة، ذلك أن الإلف آسر وإني لألوف ..
إذا حان للحب أن يظعنا
ولم يبقَ إلا الهوى بيننا
فؤادي الذي بين أيدي الضنا
سيمضي ويتركني ها هنا
أسير العذاب صريع العنا
قليل المنام كثير المنى
بالله يا أصيحابي رفقاً بي ..
عسيرٌ على النفس هذا الفراق
متى بدّلَ الأنس بالاشتياق
وشدّ على النازحين الوثاق
ولم تبقَ إلا الأمانيُ الرقاق
والإ نفوسٌ بهنّ احتراق
نهايته بسمات التلاق
ولا زلتُ أذكر مجلسنا الخماسي الفخيم الذي نتذاكر فيه مع إلاخوة ()
نقرأ فيه الشعر القديم والحديث …وتنتاوله بشيءٍ من النقد …ونقارن ونوازن …ونقربل كذلك الحشف البالي
في المجلس تناولنا قضايا كثيرة جداً تشمل الأدب والعروض والقواقي والفن القصصي والفن المسرحي والتاريخ والثقافة السودانية والأدب الشعبي وأيام العرب وأنسابهم و…و..و..
إلى ساحة النادي هلُمّ بنا نشدو
فقد طال بي ياشعر في هجرك العهدُ
تدفق شجوناً وانتفض تبدو آيةً
من الفنِّ في آثارها آيةُ تبدو
فأنت اللسان العبقري إذا انتهى
إلى القلب معنىً في قداسته فردُ
فليس عجيباً أن يُقيم ليومها
منابر في أعتابها يقدح الزَّندُ
كذا نتحدّى المرجفين فنلتقي
لنسرد قولاً ليس من سرده بُدُّ
هذا ،وقد ظلت تنازعني رغبة ملحة في أن كتب عن أيامي الجميلة المشرقة التي يتخذ منها الورد زينته مع أصدقائي الأوفياء الأستاتذة النبلاء في معهد العلاّمة عبدِالله الطّيّب المجذوب وبيت الشعر الخرطوم-الذي نلنا فيه مقال دسم-..وكثيراً ما أمسكتُ بالقلم بغية تحقيق هذه الأُرغبة ،فلم يواتني البيان …غير أني أشكر لأصدقائي الذين تعلمتُ من معنى الصداقة …
وشكري لأستاذي العلاّمة الدّكتور الصديق عمر الصِّدّيق وارث مدرسة العلاّمةعبدِالله الطّيّب المجذوب ومدير معهد العلاّمة عبدِالله الطّيّب المجذوب شيخ العربيّة العبقري وعُقابها الأكبر
وشكري للأستاذة الأديبة الناقدة الشاعرة التي تشجعني على القراءة والاطلاع والبحث والتّنقيب والكتابة والتحقيق لتراثنا المجيد
الأستاذة ابتهال تريتر
والخلاصة:أن مجالسنا هنالك بستان وارف الظلال وروضة زاهية غناء تضوع ورودها وأزاهيرها بالعطر والشذى وفواحة بعبير المعاني الروحية ..
ولولا شذاها ما أهتدت لحانها
ولولا سناها ما تصورها الوهم
وإن روحي كادت أن تفارقني مما ألم بها من فرقة الصُّحب،وأنهلت الأنواء على تلك الروابي والكثب ،كم نفحةٍ لي من مسكها أزاحت لي التعب،ولَكَم شدت نغماتها سجع البلابل والطرب ،يروي الربيع لنا خبر البديع عن الحبب،إن قيل إن نظيرها من فضة فهي الذهب .
نادمت فيها فتيةً يتهافتون على الأدب ،يتطارحون لطائفاً تنفي السآمة والوصب،يتبادلون نفائساً تسلي الحزين المكتئب ،فكأن حساناً عناهم في الطراز المنتخب، لله ايام مضت نلنا بها كل الأدب،مرت كأعيأدٍ بها كأس السرور لنا يصب،مرت بحسن تواصل وبكل ما يهوى المحب
قوم سوابق مجدهم بلغت إلى أقصى الرتب ،مامرّ ذكر حديثهم إلا وهزني الطرب ،
طالع صحائف مجدهم تروي الحقائق عن كثب

إرسال التعليق

لقد فاتك