عمر النعيم عمر : أثر قرار بنك السودان المركزي بإيقاف خدمة iBOK على سعر الصرف و التحويلات المالية
قرار إيقاف “iBOK”.. هل ينجح في كبح جماح تدهور الجنيهالسوداني؟
في خطوة مفاجئة، أعلن بنك السودان المركزي اليوم الاول من امس الثلاثاء عن إيقاف خدمة التحويلات المالية عبر تطبيق “iBOK” التابع لبنك الخرطوم و المخصص للشركات الكبرى والمصانع وكبار التجار. ويأتي هذا القرار في وقتحساس تشهده البلاد، حيث فقد الجنيه السوداني نحو ثلث قيمته خلال أقل منأسبوع، في تدهور حاد يؤشر إلى تصاعد أزمة النقد الأجنبي وتدهور الثقة فيالنظام المالي الرسمي.
خلفية القرار
تطبيق “iBOK” مثّل في الأشهر الماضية أداة تحويل سريعة وذات سقفي ومي مرتفع، يصل إلى تريليون جنيه، ما جعله الأداة المفضلة لدى الشركات والتجار الكبار لتحريك الأموال داخليًا، وأحيانًا خارجيًا عبر التحويلات غير الرسمية (المقاصة). وبحكم ضعف الرقابة على وجهة هذه التحويلات، أصبحالتطبيق منفذًا غير مباشر للمضاربة في سوق العملات، وإحدى الأدوات التيأسهمت في رفع الطلب على الدولار، بعيدًا عن أعين البنك المركزي.
علاقة “iBOK” بسعر الصرف
من منظور اقتصادي، فإن أي أداة تتيح ضخ سيولة ضخمة في السوق دون ضوابط صارمة، يمكن أن تتحول إلى محفز مباشر لارتفاع سعر الدولار. فمعفقدان الثقة في الجنيه، تتجه الشركات لتحويل أموالها إلى عملات أكثراستقرارًا، ما يخلق طلبًا اصطناعيًا متضخمًا على الدولار في السوقالموازية. وبذلك، أصبح “iBOK” أحد العوامل التي غذّت تدهور سعر الصرف.
هل يكبح القرار جماح السوق؟
رغم أن القرار يبدو عقلانيًا من حيث التوقيت والهدف، إلا أن فعاليته تظل مرهونة بجملة من العوامل:
1. بدائل التحايل: قد تلجأ بعض الجهات إلى أدوات أخرى بديلة أو قنواتغير رسمية لمواصلة التحويلات الكبيرة، ما يقلل من تأثير القرار.
2. غياب إصلاحات موازية: وقف خدمة واحدة دون تقديم بدائل تنظيميةواضحة أو ضخ عملات صعبة في السوق لن يكون كافيًا لوحده.
3. ثقة المستثمرين: يجب أن يُقنع القرار السوق بأن البنك المركزي بدأ فعلًا في الإمساك بزمام الأمور، وإلا سيفقد أثره بسرعة.
أثر القرار على التحويلات المالية
إيقاف “iBOK” سيخلق حالة من الارتباك المؤقت في أوساط الشركات، خاصة تلك التي تعتمد عليه في تحويل رواتب، تسويات مالية أو تمويل واردات. وقديدفع بعضها للجوء إلى السوق الموازي (الكاش والمقاصة) بصورة أكبر، ما يزيدمن تعقيد المشهد، ما لم تُوفر حلول بديلة شفافة وآمنة، مثل منصة تحويلاتإلكترونية مركزية تُدار من قبل البنك المركزي نفسه.
الخلاصة
قرار بنك السودان المركزي بإيقاف خدمة “iBOK” خطوة في الاتجاه الصحيح من حيث محاولة ضبط السيولة وكبح المضاربة، لكنه ليس علاجًا جذريًا لتدهور سعر الصرف. المعالجة تتطلب حزمة إجراءات متكاملة، تشمل:
● توحيد سعر الصرف.
● الرقابة على التدفقات النقدية.
● دعم الشفافية المصرفية.
● استعادة الثقة في العملة الوطنية.
ففي اقتصاد هش يعاني من غياب الاستقرار السياسي والتضخم المفرط، تصبح كل أداة مالية حساسة بمثابة سهم قد يطير في الاتجاه الصحيح… أويُصيب الاقتصاد في مقتل.


إرسال التعليق